الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

النية التي يستحضرها المرء عند العمل

السؤال

في البداية.. بارك الله فيكم على جهودكم المشكورة في خدمة الإسلام وأهله في إطلاق هذا الموقع الراقي وعلى زاوية الفتاوى التي هي من أقيم وأنفع ما يجد المرء على الإنترنت وغيره خصوصاً في هذا الزمان وقد عم الجهل واختلطت الأمور على العامة لكثرة الفساد ورواده والفتن ومروجيها، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله، فجزاكم الله خير ما جزى عباده وجعل ذلك في ميزان أعمالكم يوم تخف الموازين وتشيب رؤوس الناس من الهول وبعد.. الشيخ الفاضل سؤالي هو: هل أننا حقاً لا نثاب على أعمال لم نحتسب فيها الأجر والثواب وتضيع سدى، كأن ينصر الإنسان أخاه مثلاً من امرئ اغتابه فيرد عنه الغيبة ولم يكن قد احتسب أو أن يحتسب خطواته للمسجد بأن لكل خطوة درجة وتكفير سيئة وأجر حسنة، أو أن يكون للأعمال غير أجر فلا يعلم العامل أو يحتسب إلا أجراً واحداً فهل يخسر من الأجر كمن احتسب الأجر كله كمن نوى مثلاً بصدقته أن تكون إطفاء لغضب الرب وابتغاء أن يكون ممن يظلهم الله في ظله وشفاءً (داووا مرضاكم بالصدقة) ولنيل البر (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) وبرهاناً (والصدقة برهان) أم أنه فقط ينال على قدر ما احتسب من هذه الأمور، فالمرء لا يخطر بباله أن يحتسب هذا كله لحظة يتصدق أو يسير للمسجد، أو قد يطرأ له عمل من أعمال الخير فيسارع إليه دون التفكير بما يترتب عليه من أجر ساعتئذٍ. فأنا أفهم من الحديث (وفي بضع أحدكم صدقة) أن الأجر واقع ولو بغير احتساب، أيضاً: الحديث (إن المؤمن يؤجر في كل شيء إلا البناء في هذا التراب) ربما يعني أن المرء قد يؤجر بغير نية في حصول الأجر. لكن هناك أحاديث تحض على الاحتساب (من صام رمضان إيماناً واحتساباً... الحديث) والصبر كثيراً ما يكون مرفقاً بالاحتساب.. وما الفرق بين الاحتساب والنية، وهل يجوز احتساب العمل بعد القيام به أم يضيع عليه، أفيدونا بارك الله فيكم فإن كان في عدم احتساب الأجر عدم قبول فقد فات من الأجر الشيء الكثير؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالمشترط لحصول الأجر هو النية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى. متفق عليه. ولقوله: وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها... الحديث وهو في الصحيحين.

ويقول صاحب مراقي السعود:

وليس في الواجب من نوال * عند انتفاء قصد الامتثال

فيما له النية لا تشترط * وغير ما ذكرته فغلط

ولكن المقصود من النية هو مجرد ابتغاء وجه الله، وإذا قبل الله طاعتك فستجد -إن شاء الله- كل ما ورد مما أعده الله لذلك. وعليه، فليس من المشترط لحصول أجر الصدقة مثلاً أن ينوي صاحبها إطفاء غضب الرب وابتغاء أن يكون ممن يظلهم الله في ظله، والشفاء، ونيل البر، وأن تكون برهاناً، بل يكفي من ذلك جميعاً أن يخرجها ابتغاء مرضاة الله، ثم الفرق بين الاحتساب وبين النية هو أن الاحتساب أخص من النية، لأن النية قد لا يستحضر صاحبها طلب الأجر، وأما الاحتساب فهو كما قال الحافظ ابن حجر وغيره أنه طلب الثواب من الله تعالى، واحتساب العمل يكون قبل القيام به أو أثناء ذلك، لا بعد القيام به.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني