76 - فصل .  
فهذا تفصيل مذهب   الشافعي  رحمه الله تعالى .  
وأما مذهب  أحمد  رحمه الله تعالى فعنده يجوز لهم  دخول  الحجاز   للتجارة      ; لأن  النصارى   كانوا يتجرون إلى  المدينة   في زمن  عمر  رضي الله عنه كما تقدم .  
وحكى  أبو عبد الله بن حمدان  عنه رواية : أن  حرم المدينة   كحرم مكة   في امتناع دخوله .  
والظاهر أنها غلط على  أحمد  فإنه لم يخف عليه دخولهم بالتجارة في زمن  عمر  رضي الله عنه وبعده وتمكينهم من ذلك .  
ولا يؤذن له في الإقامة أكثر من ثلاثة أيام .  
وقال القاضي : أربعة وهي حد ما يتم المسافر الصلاة .  
وإذا  مرض  بالحجاز   جازت له الإقامة لمشقة الانتقال على المريض      .      [ ص: 395 ] ويجوز أن يقيم معه من يمرضه .  
وإن كان له دين على أحد وكان حالا أجبر غريمه على وفائه ، فإن تعذر وفاؤه لمطل أو غيبة مكن من الإقامة ليستوفي دينه ، وفي إخراجه ذهاب ماله .  
وإن كان الدين مؤجلا لم يمكن من الإقامة ، ويوكل من يستوفيه ; لأن التفريط منه فإن أراد أن يضع ويتعجل فهل يجوز ذلك ؟ على روايتين منصوصتين أشهرهما المنع ، وأصحهما عند شيخنا الجواز .  
والمنع قول   ابن عمر  رضي الله عنهما ، والجواز قول   ابن عباس  رضي الله عنهما .  
وروى   ابن عباس  رضي الله عنهما في ذلك حديثا رواه   الدارقطني   [ ص: 396 ] أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أجلى  يهود بني النضير   قالوا : إن لنا ديونا لم تحل فقال : " ضعوا وتعجلوا "     .  
وإسناده حسن ليس فيه إلا   مسلم بن خالد الزنجي  وحديثه لا ينحط عن رتبة الحسن .  
فإن  دعت الحاجة إلى الإقامة لبيع بضاعته فوق ثلاث   ففيه وجهان :  
أحدهما : يجوز له ذلك ; لأن في تكليفه تركها أو حملها معه ضياع ماله ، وذلك يمنع الدخول بالبضائع ويضر  بأهل  الحجاز    ويقطع الجلب عنهم ، وهذا هو الصحيح .  
والثاني : يمنع من الإقامة ; لأن له منها بدا ، فإن أراد الانتقال إلى مكان آخر من  الحجاز   جاز ويقيم فيه ثلاثة أيام أو أربعة ، ولا يدخلون إلا بإذن من الإمام أو نائبه وقيل : يكفي إذن آحاد المسلمين : هذا حكم غير  الحرم      .  
قال أصحاب الإمام  أحمد  رحمهم الله تعالى : ولا يمنعون من  تيماء   وفيد   ونجران   ونحوهن .  
 [ ص: 397 ] وقد تقدم الحديث المصرح بأن  نجران   من  جزيرة العرب      .  
قالوا : فإن دخلوا غير  الحرم   لم يجز إلا بإذن مسلم .  
وأما  الحرم   فيمنعون دخوله بكل حال ولا يجوز للإمام أن يأذن في دخوله ، فإن دخل أحدهم فمرض أو مات أخرج وإن دفن نبش .  
وهل يمنعون من  حرم المدينة    ؟ حكي عن  أحمد  رحمه الله تعالى فيه روايتان كما تقدم ، وقد  صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أنزل وفد  نصارى  نجران    في مسجده وحانت صلاتهم فصلوا فيه  وذلك عام الوفود بعد نزول قوله تعالى :  إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا   ، فلم تتناول الآية  حرم المدينة   ولا مسجدها .  
				
						
						
