[ ص: 422 ]    79 - فصل  
[  رد السلام على أهل الذمة      ]  
وأما الرد عليهم فأمر أن يقتصر به على " عليكم " ، واختلفت الرواية في إثبات الواو وحذفها ، وصح هذا وهذا .  
فاستشكلت طائفة دخول هذه الواو هاهنا إذ هي للتقرير وإثبات الأول ، كما إذا قيل لك فعلت كذا وكذا وكذا ، فقلت : وأنت فعلته ، أو قال : فلان يصلي الخمس ، فتقول : ويزكي ماله .  
قالوا : فالموضع موضع إضراب ، لا موضع تقرير ومشاركة فهو موضع : بل عليكم ، لا موضع وعليكم ، فإذا حذف الواو كان إعادة لمثل قوله من غير إشعار بأنك علمت مراده ، وإذا أتيت بلفظة " بل " أشعرته أنك فهمت مراده ورددته عليه قصاصا ، والأول أليق بالكرم والفضل ، ولهذا السر - والله أعلم - دخلت الواو ، على أنه ليس في دخولها إشكال ، فإن الموت لا ينجو منه أحد ، وكأن الراد يقول : الذي أخبرت بوقوعه علينا نحن وأنت فيه سواء ، فهو علينا وعليك ، وهذا أولى من تغليظ الراوي في إثباتها إذ لا سبيل إليه .  
فإن قيل : بل إليك سبيل ، قال  الخطابي     : يرويه عامة المحدثين بالواو ،      [ ص: 423 ]  وابن عيينة  يرويه بحذفها وهو الصواب .  
قيل : قد ضبط الواو  عبد الله بن عمر  ، وضبطها عنه   عبد الله بن دينار  ، وضبطها عنه  مالك     .  
قال  أبو داود  في " سننه " : كذلك رواه  مالك  عن   عبد الله بن دينار  ، ورواه   الثوري  أيضا عن   عبد الله بن دينار  فقال : " وعليكم " ، انتهى .  
وهذا الحديث قد أخرجه   البخاري  في " صحيحه " كما تقدم ، وحديث   سفيان الثوري  رواه   البخاري  ومسلم  وهو بالواو عندهما .  
وأما قول  الخطابي     : "   وابن عيينة  رواه بحذفهما " ، فقد اختلف على   ابن عيينة  أيضا .  
وجواب آخر ولعله أحسن من الجواب الأول : أنه ليس في دخول الواو تقرير لمضمون تحيتهم ، بل فيه ردها وتقريرها لهم أي : ونحن أيضا ندعو لكم بما دعوتم به علينا ، فإن دعاءهم قد حصل ووقع منهم ، فإذا رد عليهم المجيب بقوله : " وعليكم " كان في ذكر الواو سر لطيف ، وهو أن هذا      [ ص: 424 ] الذي طلبتموه لنا ودعوتم به ، هو بعينه مردود عليكم لا تحية لكم غيره .  
والمعنى : ونحن نقول لكم ما قلتم بعينه ، كما إذا قال رجل لمن يسبه : عليك كذا وكذا ، فقال : وعليك أي وأنا أيضا قائل لك ذلك ، وليس معناه أن هذا قد حصل لي وهو حصل لك معي ، فتأمله .  
وكذلك إذا قال : غفر الله لك ، فقلت : ولك ، وليس المعنى أن المغفرة قد حصلت لي ولك ، فإن هذا علم غيب ، وإنما معناه أن الدعوة قد اشتركت فيها أنا وأنت ، ولو قال : غفر الله لك ، فقلت : لك لم يكن فيه إشعار بذلك .  
وعلى هذا فالصواب إثبات الواو ، وبه جاءت أكثر الروايات ، وذكرها الثقات الأثبات ، والله أعلم .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					