438 - (  1411  ) - حدثنا  قطن بن نسير  ، حدثنا  جعفر بن سليمان  ، حدثنا  المعلى بن زياد  ، قال : لما هزم يزيد بن المهلب  أهل البصرة  ، قال المعلى   : فخشيت أن أجلس في حلقة  الحسن بن أبي الحسن  ، فأوجد فيها فأعرف . فأتيت الحسن  في منزله فدخلت عليه ، فقلت : يا أبا سعيد  ، كيف بهذه الآية من كتاب الله ؟ قال : أية آية من كتاب الله ؟ قلت : قول الله في هذه الآية : وترى كثيرا منهم يسارعون في الإثم والعدوان وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون   . قال : يا عبد الله  ، إن القوم عرضوا السيف فحال السيف دون الكلام ، قلت : يا أبا سعيد  ، فهل تعرف لمتكلم فضلا ؟ قال : لا ، قال المعلى   : ثم حدث بحديثين ، قال : حدثنا  أبو سعيد الخدري  ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحديث قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ألا لا يمنعن أحدكم رهبة الناس أن يقول الحق إذا رآه ، أن يذكر تعظيم الله ؛ فإنه لا يقرب من أجل ، ولا يبعد من رزق " . 
قال : ثم حدث  الحسن  بحديث آخر ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :  [ ص: 537 ] ليس للمؤمن أن يذل نفسه . قيل : وما إذلاله نفسه ؟ قال : " يتعرض من البلاء لما لا يطيق " . 
قيل : يا أبا سعيد  ، فيزيد الضبي  وكلامه في الصلاة ؟ قال : أما إنه لم يخرج من السجن حتى ندم . قال المعلى   : فقمت من مجلس الحسن  ، فأتيت يزيد  ، فقلت : يا أبا مودود  ، بينما أنا والحسن  نتذاكر إذ نصبت أمرك نصبا ، فقال : مه يا أبا الحسن  قال : قلت : قد فعلت ، قال : فما قال الحسن  ؟ قلت : قال : أما إنه لم يخرج من السجن حتى ندم على مقالته . قال يزيد   : ما ندمت على مقالتي ، وايم الله لقد قمت مقاما أخطر فيه بنفسي . قال يزيد   : فأتيت الحسن  ، فقلت : يا أبا سعيد  ، غلبنا على كل شيء ، نغلب على صلاتنا ؟ فقال : يا عبد الله  ، إنك لم تصنع شيئا ، إنك تعرض نفسك لهم . ثم أتيته ، فقال لي مثل مقالته ، قال : فقمت يوم الجمعة في المسجد والحكم بن أيوب  يخطب ، فقلت : رحمك الله ، الصلاة ، قال : فلما قلت ذلك احتوشتني الرجال يتعاوروني ، فأخذوا بلحيتي وتلبيبتي ، وجعلوا يجئون بطني بنعال سيوفهم . قال : ومضوا بي نحو المقصورة ، فما وصلت إليه حتى ظننت أنهم سيقتلوني دونه . قال : ففتح لي باب المقصورة ، قال : فدخلت فقمت بين يدي الحكم  وهو ساكت ، فقال : أمجنون أنت ؟ قال : وما كنا في صلاة ، فقلت : أصلح الله الأمير ، هل من كلام أفضل من كتاب الله ؟ قال : لا ، قلت : أصلح الله الأمير . أرأيت لو أن رجلا نشر مصحفا يقرؤه  [ ص: 538 ] غدوة إلى الليل ، أكان ذلك قاضيا عنه صلاته ؟ قال : والله إني لأحسبك مجنونا ، قال : وأنس بن مالك  جالس تحت منبره ساكت ، فقلت : يا أنس  ، يا أبا حمزة  ، أنشدك الله ، فقد خدمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحبته ، أبمعروف قلت أم بمنكر ؟ أبحق قلت أم بباطل ؟ قال : فلا والله ما أجابني بكلمة . قال له الحكم بن أيوب   : يا أنس  ، قال : يقول : لبيك ، أصلحك الله ، قال : وكان وقت الصلاة قد ذهب ، قال : كان بقي من الشمس بقية ، فقال : احبسوه . 
قال يزيد   : فأقسم لك يا أبا الحسن   - يعني للمعلى   - لما لقيت من أصحابي كان أشد علي من مقامي ، قال بعضهم : مراء . وقال بعضهم : مجنون . قال : وكتب الحكم  إلى الحجاج   : أن رجلا من بني ضبة  قام يوم الجمعة قال : الصلاة ، وأنا أخطب ، وقد شهد الشهود العدول عندي أنه مجنون ، فكتب إليه الحجاج   : إن كانت قامت الشهود العدول أنه مجنون فخل سبيله ، وإلا فاقطع يديه ورجليه ، واسمر عينيه ، واصلبه ، قال : فشهدوا عند الحكم  أني مجنون فخلى عني . 
قال المعلى   : عن يزيد الضبي   : مات أخ لنا فتبعنا جنازته فصلينا عليه ، فلما دفن تنحيت في عصابة ، فذكرنا الله وذكرنا معادنا ، فإنا كذلك إذ رأينا نواصي الخيل والحراب ، فلما رآه أصحابي قاموا وتركوني وحدي ، فجاء الحكم  حتى وقف علي فقال : ما كنتم تصنعون ؟ قلت : أصلح الله الأمير ، مات صاحب  [ ص: 539 ] لنا فصلينا عليه ودفن ، فقعدنا نذكر ربنا ، ونذكر معادنا ، ونذكر ما صار إليه ، قال : ما منعك أن تفر كما فروا ؟ قلت : أصلح الله الأمير ، أنا أبرأ من ذلك ساحة وآمن للأمير من أن أفر ، قال : فسكت الحكم  ، فقال عبد الملك بن المهلب   - وكان على شرطته : تدري من هذا ؟ قال : من هذا ؟ قال : المتكلم يوم الجمعة ، قال : فغضب الحكم  ، وقال : أما إنك لجريء ، خذاه ، قال : فأخذت فضربني أربع مائة سوط ، فما دريت حين تركني من شدة ما ضربني ، قال : وبعثني إلى واسط  ، فكنت في ديماس الحجاج  حتى مات الحجاج    . 
إلى هنا مسند  أبي سعيد الخدري .  
				
						
						
