الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          قوله في [55] الرحمن.

                                                                                                                                                                                          وقال مجاهد: بحسبان : كحسبان الرحى. تقدم في بدء الخلق.

                                                                                                                                                                                          قوله فيه: وقال الضحاك: العصف : التين، وقال أبو مالك: العصف أول ما ينبت تسميه النبط هبورا، وقال مجاهد: العصف: ورق الحنطة. والريحان : الرزق، "والمارج": اللهب الأصفر. والأخضر الذي يعلو النار إذا أوقدت.

                                                                                                                                                                                          [ ص: 329 ] أما قول الضحاك ، فقال الفريابي: قال سفيان هو الثوري بلغني عن الضحاك في قوله والحب ذو العصف  ، وقال: الحب الحنطة والشعير، والعصف: التبن.

                                                                                                                                                                                          وأما قول أبي مالك ، فقال عبد بن حميد ، ثنا يحيى بن عبد الحميد ، ثنا ابن المبارك ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي مالك في قوله العصف قال: أول ما ينبت تسميه النبط هبورا.

                                                                                                                                                                                          (وأخرجه الطبري من وجه آخر، عن إسماعيل ، دون قوله: تسميه النبط هبورا).

                                                                                                                                                                                          وأما قول مجاهد ، فقال الفريابي: ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله والحب ذو العصف قال: ورق الحنطة، والريحان: الرزق.

                                                                                                                                                                                          وفي قوله: من مارج من نار ، قال: من اللهب الأصفر، والأخضر الذي يعلو النار إذا أوقدت.

                                                                                                                                                                                          قوله فيه: وقال بعضهم، عن مجاهد: رب المشرقين للشمس في الشتاء [ ص: 330 ] مشرق، ومشرق في الصيف، ورب المغربين : مغربها في الشتاء والصيف. لا يبغيان : لا يختلطان. "المنشاة": ما رفع قلعه من السفن، فأما ما لم يرفع قلعه فليس بمنشآة.

                                                                                                                                                                                          قال الفريابي: ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله رب المشرقين ورب المغربين ، قال: لها مشرق في الشتاء ومغربه، ومشرق في الصيف ومغربه.

                                                                                                                                                                                          وبه، في قوله بينهما برزخ لا يبغيان ، (قال): لا يختلطان.

                                                                                                                                                                                          وفي قوله: وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام ، قال: ما رفع قلعه من السفن فهي منشأة، وما لم يرفع قلعها فليست بمنشأة.

                                                                                                                                                                                          قوله فيه: وقال مجاهد: كالفخار ، قال: كما يصنع الفخار.

                                                                                                                                                                                          قال الفريابي: ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله خلق الإنسان من صلصال كالفخار ، قال: كما يصنع الفخار.

                                                                                                                                                                                          قوله فيه: وقال مجاهد: "نحاس": الصفر.

                                                                                                                                                                                          تقدم في صفة النار.

                                                                                                                                                                                          [ ص: 331 ] قوله فيه: وقال مجاهد: ولمن خاف مقام ربه : يهم بالمعصية فيذكر الله [عز وجل] فيتركها. "والشواظ": لهب من نار. مدهامتان : سوداوان.

                                                                                                                                                                                          قال الفريابي: ثنا سفيان، عن منصور ، عن مجاهد ، في قوله ولمن خاف مقام ربه جنتان ، قال: إذا هم بمعصية يذكر مقام الله عليه في الدنيا (فيتركها).

                                                                                                                                                                                          "والشواظ" تقدم في صفة النار.

                                                                                                                                                                                          وقال عبد: ثنا شبابة ، ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله مدهامتان ، قال: مسودتان.

                                                                                                                                                                                          قوله فيه: وقال الحسن "فبأي آلاء" قال: نعمة. وقال قتادة: ربكما يعني الجن والإنس. وقال أبو الدرداء: كل يوم هو في شأن : يغفر ذنبا، ويكشف كربا، ويرفع قوما ويضع آخرين، وقال ابن عباس: برزخ : حاجز. "الأنام": الخلق. نضاختان : فياضتان. ذو الجلال : ذو العظمة.

                                                                                                                                                                                          أما قول الحسن ، فقال ابن جرير: ثنا ابن بشار ، ثنا عبد الرحمن ، ثنا سهل السراج ، عن الحسن ، فبأي آلاء ربكما تكذبان : قال: فبأي نعمة ربكما تكذبان.

                                                                                                                                                                                          وأما قول قتادة ، فقال ابن أبي حاتم: ثنا أبي، ثنا هشام بن خالد ، ثنا شعيب ابن إسحاق ، ثنا سعيد ، عن قتادة ، في قوله فبأي آلاء ربكما تكذبان يقول: للجن والإنس بأي نعم الله تكذبان؟.

                                                                                                                                                                                          [ ص: 332 ] وأما قول أبي الدرداء فقال البخاري في تاريخه: قال عبد الرحمن بن يحيى ، ثنا الوليد ، ثنا إسماعيل بن عبيد الله. ح. وقال (فقال) البيهقي في شعب الإيمان: أنا أبو نصر بن قتادة ، أنا أبو عمر بن مطر ، أنا جعفر الفريابي ، ثنا إبراهيم بن هشام ، ثنا سعيد بن عبد العزيز ، عن إسماعيل بن عبيد الله ، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء ، في قول الله تبارك وتعالى كل يوم هو في شأن قال: من شأنه أن يغفر ذنبا، ويكشف كربا، ويرفع أقواما ويضع آخرين، لفظ سعيد.

                                                                                                                                                                                          وقد روي مرفوعا ، فأخبرنا أبو هريرة بن الذهبي ، إجازة، أنا القاسم بن عساكر ، عن محمود بن إبراهيم ، أن أبا الرشيد أحمد بن محمد بن الفيج ، أخبرهم: أنا أبو عمرو بن منده ، أنا أبو نصر الجرجاني ، أنا أحمد بن عثمان ، ثنا أبو قلابة ، ثنا يحيى بن عبد الحميد ، ثنا إسحاق بن سليمان ، عن معاوية بن يحيى ، عن يونس بن ميسرة ، عن أبي إدريس ، قال: سئل أبو الدرداء ، عن هذه الآية كل يوم هو في شأن ، فقال: سئل عنها النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: من شأنه أن يغفر ذنبا... الحديث.

                                                                                                                                                                                          وكذا رواه ابن مردويه في تفسيره: عن أحمد بن عثمان ، ويحيى ، ومعاوية ضعيفان. وقد روي، عن يونس ، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء ، ففيه اضطراب أيضا.

                                                                                                                                                                                          قال البخاري في تاريخه: قال لي همام بن عمار ، ثنا الوزير بن صبيح ، سمع يونس بن ميسرة ، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء ، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، كل يوم هو في شأن ، قال: من شأنه أن يغفر ذنبا، ويفرج كربا، ويضع قوما، ويرفع آخرين.

                                                                                                                                                                                          أخبرناه الحافظ أبو الفضل بن الحسين ، أن عبد الله بن محمد ، أخبره: أنا علي بن أحمد ، عن عبد الله بن عمر ، أنا عبد الرحيم بن عبد الكريم ، أنا عمر بن أحمد بن مسرور ، أنا أبو عمر بن حمدان ، ثنا الحسن بن سفيان ، ثنا هشام بن عمار ، ثنا الوزير بن صبيح ، سمعت يونس بن ميسرة ، به.

                                                                                                                                                                                          [ ص: 333 ] رواه ابن ماجه في السنن، وابن أبي عاصم ، في كتاب السنة له، عن هشام ، ورواه ابن أبي حاتم في التفسير، عن أبيه.

                                                                                                                                                                                          ورواه ابن حبان في صحيحه: عن إسحاق بن إسماعيل ، كلاهما، عن هشام ابن عمار ، به.

                                                                                                                                                                                          وكذا رويناه في معجم الطبراني الأوسط، قال: ثنا بكر بن سهل ، عن نعيم بن حماد ، عن الوزير بن صبيح ، به. والوزير فيه ضعف، وله شاهد من حديث منيب ابن عبد الله بن منيب ، عن أبيه، عن النبي، صلى الله عليه وسلم. رويناه في مسند الحسن بن سفيان. ومعرفة الصحابة لابن منده ، بإسناد ضعيف (أيضا).

                                                                                                                                                                                          وأما قول ابن عباس ، فقال ابن أبي حاتم: ثنا أبي، ثنا أبو صالح ، ثنا معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، في قوله برزخ ، قال: حاجز.

                                                                                                                                                                                          وتفسير الأنام تقدم في بدء الخلق. "وذو الجلال" يأتي في التوحيد.

                                                                                                                                                                                          قوله فيه: وقال ابن عباس: حور : سود الحدق. وقال مجاهد: مقصورات : محبوسات، قصر طرفهن على أزواجهن. قاصرات : لا يبغين غير أزواجهن.

                                                                                                                                                                                          أما قول ابن عباس ، فقال ابن أبي حاتم: ثنا الفضل بن يعقوب ، ثنا حجاج [ ص: 334 ] بن محمد ، قال ابن جريج: أخبرني عطاء ، عن ابن عباس ، به.

                                                                                                                                                                                          وأما قول مجاهد ، فقال الفريابي: ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله حور مقصورات في الخيام ، قال: لا يبرحن الخيام.

                                                                                                                                                                                          وبه، في قوله فيهن قاصرات الطرف ، قال: قصرن أطرافهن عن الرجال، فلا ينظرن إلا إلى أزواجهن.

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية