الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          قوله: [7] باب ما يذكر في المناولة...

                                                                                                                                                                                          وقال أنس: نسخ عثمان المصاحف، فبعث بها إلى الآفاق.  ورأى عبد الله بن عمر ، ويحيى بن سعيد ، ومالك ذلك جائزا انتهى.

                                                                                                                                                                                          أما حديث أنس ، فأسنده المؤلف في فضائل القرآن، وفي مناقب قريش، من طريق إبراهيم بن سعد ، عن الزهري ، عن أنس بالقصة كلها.

                                                                                                                                                                                          وأما رأي عبد الله بن عمر في ذلك، فهكذا وقع في الروايات التي اتصلت لنا من هذا الكتاب، وأظن الواو سقطت من عمرو ، فإنني لم أجد ذلك عند عبد الله بن عمر بن الخطاب ، وإنما وجدت ذلك عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، من رواية البخاري نفسه. [ ص: 72 ]

                                                                                                                                                                                          أخبرني بذلك أبو علي المهدوي ، بسنده الآتي قريبا إلى عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق العبدي ، أنا أبي ، أنا محمد بن أبي خراسان ، ثنا أبو النضر، محمد بن أحمد بن النضر ، ثنا محمد بن إسماعيل البخاري ، ثنا يحيى بن سليمان ، حدثني ابن وهب أخبرني يحيى بن أيوب ، عن عبد الله بن جنادة ، عن أبي عبد الرحمن الحبلى. أنه أتى عبد الله، يعني ابن عمرو بكتاب فيه أحاديث، فقال: أصلحك الله، انظر في هذا الكتاب، فما عرفت منه تركته، وما لم تعرفه محوته، فنظر فيه، قال فعرضت عليه حتى فرغت منه، ثم دعا بغدائه فتغدى.  وهذا إسناد صحيح.

                                                                                                                                                                                          وقد روى الحبلى ، عن عبد الله بن عمر بن الخطاب أيضا، فيحتمل أن يكون هو المراد هنا فلا يكون ثم تصحيف.

                                                                                                                                                                                          وإن كان المراد بقوله عبد الله بن عمر غير الصحابي، فقد روي ذلك عن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري ، وعن أخيه عبيد الله بن عمر معنى ذلك. وقد وقعت لنا الرواية عنهما بذلك: [ ص: 73 ]

                                                                                                                                                                                          أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد بن علي بن عبد العزيز المهدوي إذنا، عن يونس بن أبي إسحاق ، عن علي بن الحسين [بن المقير] ، أن محمد بن ناصر الحافظ [السلامي] كتب إليهم: عن عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق العبدي ، أنا عبد الواحد بن محمد بن عبد الله الفارسي ، سمعت عبد الله بن إسحاق المقرئ ، سمعت يحيى بن عثمان بن صالح ، سمعت أبا صالح ، يقول: سمعت الليث ، يقول: أتاني أبو عثمان عبد الحكم بن أعين بهذا الكتاب، عن عبد الله بن عمر العمري ، مختوما بخاتمه. قال أبو صالح: ولم يسمع الليث من العمري شيئا وإنما روايته عنه كتابة.

                                                                                                                                                                                          وبه إلى العبدي: أنا عمر بن أحمد بن حسنويه ، أنا أبو أحمد العسال ، ثنا القاسم بن فورك ، ثنا محمد بن مقاتل [المروزي] ، ثنا أنس بن عياض ، عن عبيد الله بن عمر قال: أتيت ابن شهاب بكتاب، فقيل له: هذا حديثك تحدث به عنك؟ قال نعم.

                                                                                                                                                                                          رواه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه، عن محمد بن أبي داود ، عن أبي ضمرة أنس بن عياض نحوه.

                                                                                                                                                                                          وروى ابن أبي عاصم ، في كتاب العلم له، عن شيخ له، عن عبد الرزاق ، عن عبد الله بن عمر ، قال: ما أخذنا نحن ومالك عن الزهري إلا إعراضة.

                                                                                                                                                                                          وأما رأي يحيى بن سعيد (الأنصاري) في ذلك، فقال الحاكم أبو عبد الله الحافظ في كتاب علوم الحديث له، بالسند المتقدم آنفا: حدثنا إسماعيل بن محمد بن الفضل ، ثنا جدي، سمعت إسماعيل بن أبي أويس ، سمعت خالي مالك بن أنس ، يقول: قال لي يحيى بن سعيد الأنصاري لما أراد الخروج إلى العراق: التقط لي مائة حديث من حديث ابن شهاب ، حتى أرويها عنك، عنه. قال مالك: فكتبتها ثم (بعثتها) إليه، فقيل لمالك ، أسمعها منك؟ قال: هو أفقه من ذلك. [ ص: 74 ]

                                                                                                                                                                                          ورواه الرامهرمزي في المحدث الفاصل ، عن عبد الله بن صالح البخاري ، عن أبي بكر السالمي ، عن إسماعيل بن أبي أويس نحوه.

                                                                                                                                                                                          وأما رأي مالك في ذلك، فقد جاء عنه من طرق كثيرة منها:

                                                                                                                                                                                          ما أخبرنا إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد البعلي ، عن أبي الفتح محمد بن عبد الرحيم المخزومي ، أن عبد الوهاب بن رواج ، أخبره: أنا الحافظ أبو طاهر السلفي أنا المبارك بن عبد الجبار الصيرفي ، أنا أبو الحسن علي بن أحمد السقالي ، أنا أبو عبد الله أحمد بن إسحاق النهاوندي ، أنا القاضي أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي ، ثنا أبو جعفر بن إسحاق بن بهلول ، ثنا أبو إسحاق إسماعيل بن إسحاق ، سمعت إسماعيل بن أبي أويس ، سألت مالكا عن أصح السماع؟  فقال: قراءتك على العالم، أو قال: المحدث، ثم قراءة المحدث عليك، ثم أن يدفع إليك كتابه، فيقول: ارو هذا عني.

                                                                                                                                                                                          وقرأت على أحمد بن علي بن يحيى بن تميم ، بدمشق، أخبركم أحمد بن أبي طالب أن عبد الله بن عمر [بن اللتي] أخبره: أنا أبو الوقت ، أنا أبو الحسن بن المظفر أنا عبد الله بن أحمد [السرخسي] ، أنا عيسى بن عمر [السمرقندي] ، أنا عبد الله بن عبد الرحمن الحافظ ، أنا إبراهيم هو ابن المنذر ، ثنا مطرف ، عن مالك بن أنس ، أنه كان يرى العرض والحديث سواء.

                                                                                                                                                                                          قوله فيه: واحتج بعض أهل الحجاز في المناولة بحديث النبي، صلى الله عليه وسلم،   [ ص: 75 ] حيث كتب لأمير السرية كتابا، وقال: "لا تقرأه حتى تبلغ مكان كذا وكذا". فلما بلغ المكان قرأه على الناس، وأخبرهم بأمر النبي، صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                          هذا الحديث الذي أشار إليه رويناه في مغازي محمد بن إسحاق ، فيما أخبرنا أبو الحسن بن أبي المجد ، قراءة عليه، أنا القاسم بن مظفر بن عساكر ، سماعا، عن أبي القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة ، أنا أبو طاهر السلفي ، أنا سعيد بن إبراهيم الصفار ، أنا علي بن القاسم المقرئ ، ثنا أبو الحسين أحمد بن فارس ، ثنا علي بن محمد بن مهرويه ، ثنا أحمد بن أبي خيثمة ، ثنا أحمد بن محمد بن أيوب ، ثنا إبراهيم بن سعد ، ثنا محمد بن إسحاق. ح وأنبئت عن غير واحد عن علي بن الحسين [بن المقير] ، أنا الفضل بن سهل [الإسفراييني] في كتابه، عن الخطيب أبي بكر بن ثابت ، أنا القاضي أبو بكر الحيري ثنا أبو العباس الأصم ، ثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي ، ثنا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، حدثني يزيد بن رومان ، عن عروة بن الزبير ، قال: بعث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عبد الله بن جحش إلى نخلة، فقال له: "كن بها حتى تأتينا بخبر من أخبار قريش" ولم يأمره بقتال، وذلك في الشهر الحرام، وكتب له كتابا، قبل أن يعلمه أين يسير؟ فقال: اخرج أنت وأصحابك حتى إذا سرت يومين، [ ص: 76 ] فافتح كتابك وانظر فيه، فما أمرتك به فامض له، ولا تستكرهن أحدا من أصحابك على الذهاب معك، فلما سار يومين فتح الكتاب، فإذا فيه: أن امض حتى تنزل نخلة، فتأتينا من أخبار قريش... فذكر الحديث بطوله، والسياق للعطاردي.

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية