الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون
قوله تعالى: الطلاق مرتان قال وغيره: كان الرجل إذا طلق امرأته ثم ارتجعها قبل أن تنقضي عدتها كان ذلك له، وإن طلقها ألف مرة، فأنزل الله عز وجل: عروة بن الزبير، الطلاق مرتان فذكر في هذه الآية طلقتين، وذكر الثالثة في الآية الأخرى وهي قوله: فحصر الطلاق وجعل حده ثلاثة، فإن طلقها فلا تحل له من بعد ، والآية مختصرة ؛ لأن المعنى: الطلاق الذي يملك فيه الرجعة مرتان.
وقوله: فإمساك بمعروف .
"الإمساك": خلاف الإطلاق وهو مرتفع لأنه خبر ابتداء محذوف، على تقدير: فالواجب إذا راجعها بعد الطلقتين إمساك بمعروف، أي: بما يعرف شرعا من إقامة الحق في إمساك المرأة.
وقوله: أو تسريح بإحسان قال عطاء والسدي هو ترك المعتدة حتى تبين بانقضاء العدة. والضحاك:
قال إذا طلق امرأته طلقتين فليتق الله في التطليقة الثالثة. ابن عباس:
فإما أن يمسكها بمعروف ويحسن صحبتها، أو [ ص: 336 ] يسرحها بإحسان ولا يظلمها من حقها شيئا، وهو قوله: ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا لا يجوز للزوج أن يأخذ من امرأته شيئا مما أعطاها من المهر إلا في الخلع، وهو قوله: إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله أي: يعلما ويوقنا.
و "الخوف" يكون بمعنى العلم، وذلك أن في الخوف طرفا من العلم، لأنك تخاف ما تعلم، وما لا تعلم لا تخافه، كما أن الظن لما كان فيه طرف من العلم جاز أن يكون علما.
ومعنى الآية: أن المرأة إذا خافت أن تعصي الله في أمر زوجها بغضا له، وخاف الزوج إذا لم تطعه امرأته أن يعتدي عليها، حل له أن يأخذ الفدية منها إذا دعت إلى ذلك.
وقرأ إلا أن يخافا بضم الياء ؛ لأنه بني للمفعول بهما وهما الزوجان، والمعنى: إلا أن يعلما أنهما لا يقيمان حدود الله. حمزة
فإن خفتم أيها الولاة والحكام، أي: علمتم وغلب على ظنكم أن الزوجين لا يقيمان حدود الله في حسن العشرة وجميل الصحبة، فلا جناح عليهما فيما افتدت به المرأة نفسها من الزوج، أي: لا جناح على الرجل فيما يأخذ من المرأة، ولا عليها فيما تفتدي به للخلع.
قوله: تلك حدود الله يريد: ما حده من شرائع الدين، فلا تعتدوها أي: لا تتجاوزوها إلى غيرها، ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون أنفسهم بترك ما أمر الله به.