ثم بين ما أعد للكافرين، فقال: إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا
إنا أعتدنا للكافرين سلاسل يعني: في جهنم، كقوله تعالى: في سلسلة ذرعها الآية، وتقرأ: سلاسلا -بالتنوين- وكذلك قواريرا و قواريرا وفيه وجهان: أحدهما: أن من العرب من يصرف جميع ما لا ينصرف، وهو لغة الشعر، إلا أنهم اضطروا إليه في الشعر فصرفوه، فجرت على ألسنتهم كذلك، والآخر: أن هذا الجمع أشبه الآحاد، لأنهم قالوا: صواحبات يوسف . ويقولون: مواليات في جمع الموالي، فمن حيث جمعوه جمع الآحاد المنصرفة، جعلوه في حكمها، فصرفوه، وقوله: وأغلالا يعني: في أيديهم تغل إلى أعناقهم، وسعيرا وقودا شديدا.
ثم ذكر ، فقال: إن الأبرار يعني: المطيعين لله، ما أعد للشاكرين يشربون من كأس من إناء فيه شراب، كان مزاجها ما يمازجها، كافورا قال [ ص: 400 ] ، عطاء : هو اسم عين ماء في الجنة. وقال والكلبي ، مقاتل : يعني: الكافور الذي له رائحة طيبة، يمازجه ريح الكافور، وليس ككافور الدنيا. ومجاهد
ويدل على صحة القول الأول قوله: عينا قال : وهي كالمفسرة للكافور. وقال الفراء : نصب الأخفش عينا على وجه المدح، على أعني عينا. وقال : الأجود أن يكون المعنى من عين الزجاج يشرب بها عباد الله قال : أولياء الله. ابن عباس يفجرونها تفجيرا يفجرون تلك العين، بحيث يريدون، يقودونها حيث شاؤوا.
قوله: يوفون بالنذر هذا من صفاتهم في الدنيا، أي: كانوا في الدنيا كذلك ، وهو قول يوفون بطاعة الله من الصلاة والحج ، قتادة ، ومعنى النذر في اللغة: الإيجاب، والمعنى: ما أوجبه الله تعالى عليهم من الطاعات، وقال ومجاهد : إذا نذروا في طاعات الله وفوا به. عكرمة ويخافون يوما كان شره مستطيرا فاشيا، منتشرا، يقال: استطار الحريق إذا انتشر، واستطار الصبح، إذا انتشر ضوءه، قال : كان شره فاشيا في السموات: فانشقت، وتناثرت الكواكب، وفزعت الملائكة، وكورت الشمس والقمر، وفي الأرض: فنسفت الجبال، وغارت المياه، وتكسر كل شيء على الأرض من جبل، وبناء، ففشا شر يوم القيامة فيهما. مقاتل
قوله: ويطعمون الطعام على حبه على حب الطعام، والمعنى: يطعمون الطعام أشد ما تكون حاجتهم إليه، وصفهم الله تعالى . بالأثرة على أنفسهم
أخبرنا أبو سعد بن أبي بكر الغازي ، أنا أبو عمرو بن أبي جعفر الزاهد ، أنا أحمد بن علي بن المثنى ، نا إسحاق بن إبراهيم ، نا عبيدة ، نا هشام ، عن الجارود ، عن عطية ، عن أبي سعيد ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وما من مسلم كسا أخاه على عري إلا كساه الله من خضر الجنة، ومن سقى مسلما على ظمإ ماء سقاه الله الرحيق" "ما من مسلم أطعم مسلما على جوع إلا أطعمه الله من ثمار الجنة، .