الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      إن يوم الفصل كان ميقاتا  يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا  وفتحت السماء فكانت أبوابا  وسيرت الجبال فكانت سرابا  إن جهنم كانت مرصادا  للطاغين مآبا  لابثين فيها أحقابا  لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا جزاء وفاقا  إنهم كانوا لا يرجون حسابا  وكذبوا بآياتنا كذابا  وكل شيء أحصيناه كتابا  فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا

                                                                                                                                                                                                                                      إن يوم الفصل يوم القضاء بين الخلق، كان ميقاتا لما وعد الله من الثواب والعقاب.

                                                                                                                                                                                                                                      يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا زمرا من كل مكان للحساب.

                                                                                                                                                                                                                                      "وفتحت السماء" لنزول الملائكة، فكانت أبوابا أي: ذات أبواب.

                                                                                                                                                                                                                                      وسيرت الجبال عن أماكنهم، فكانت سرابا أي: هباء منبثا لعين الناظر، كالسراب بعد شدتها وصلابتها.

                                                                                                                                                                                                                                      إن جهنم كانت مرصادا قال الزهري : المرصاد: المكان الذي يرصد الراصد فيه العدو. وقال المبرد : مرصادا يرصدون به، أي: هو معد لهم، يرصد بها خزنتها الكفار.

                                                                                                                                                                                                                                      ثم بين أنها مرصاد لمن، فقال: للطاغين قال ابن عباس : للمشركين الضالين. مآبا مرجعا يرجعون إليه.

                                                                                                                                                                                                                                      لابثين فيها وقرأ حمزة لبثين فيها وهما بمعنى واحد، مثل [ ص: 414 ] طمع وطامع، وفره وفاره، أحقابا واحدها حقب، وهو ثمانون سنة، وقد مضى الكلام فيه، قال المفسرون: الحقب الواحد بضع وثمانون سنة، السنة ثلاث مائة وستون يوما، اليوم ألف سنة من أيام الدنيا. وقال الحسن : لم يجعل الله لأهل النار مدة  ، بل قال: أحقابا فوالله ما هو إلا أنه إذا مضى حقب، دخل آخر ثم آخر، كذلك إلى الأبد.

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا أبو سعد عبد الرحمن بن الحسن التاجر ، أنا أبو محمد كوهي بن الحسن ، نا محمد بن هارون الحضرمي ، نا زياد بن أبي زياد هو البصري ، نا سليمان بن مسلم ، نا سليمان التيمي ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ولا يخرج من النار من دخلها حتى يمكث فيها أحقابا،  والحقب بضع وستون سنة، والسنة ثلاث مائة وستون يوما، كل يوم كألف سنة مما تعدون، فلا يتكلن على أن يخرج من النار" .

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا أبو محمد بن عمر الخشاب ، أنا أبو عمرو محمد بن أحمد الحيري ، أنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار ، نا عبد الرحمن بن صالح الأودي ، نا الحكم بن ظهير ، عن السدي ، عن مرة ، عن عبد الله رفعه قال: لو علم أهل النار أنهم يلبثون في النار عدد حصى الدنيا لفرحوا،  ولو علم أهل الجنة أنهم يلبثون في الجنة عدد حصى الدنيا لحزنوا .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية