ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون
قوله تعالى: ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يعني علماء اليهود من قريظة والنضير، أعطوا حظا من التوراة لأنهم كانوا يعلمون بعضها، يدعون إلى كتاب الله قال في رواية ابن عباس المراد ب الضحاك: كتاب الله هاهنا: القرآن.
وهو قول قال: دعوا إلى القرآن بعد أن ثبت أنه كتاب الله، حيث لم يقدر بشر أن يعارضه. قتادة،
وقوله: ليحكم بينهم جعل الله تعالى القرآن حكما بين اليهود وبين النبي صلى الله عليه وسلم، فحكم القرآن عليهم بالضلالة فأعرضوا عنه، وهو قوله: ثم يتولى فريق منهم يعني من أعرض عن حكم القرآن فلم يؤمن به من رؤساء اليهود.
وقوله: وهم معرضون قال يجوز أن يكون المعرضون الباقين من اليهود، ويجوز أن يكون [ ص: 425 ] الفريق المتولي هم المعرضون. ابن الأنباري:
ثم بين سبب إعراضهم فقال: ذلك أي: ذلك الإعراض عن حكمك يا محمد، بأنهم بسبب اغترارهم ومقالتهم، حيث قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات ومضى تفسير هذا.
وقوله: وغرهم في دينهم الغرور: "الإطماع" فيما لا يصح.
وقوله: ما كانوا يفترون يعني قولهم: لن تمسنا النار إلا أياما معدودات .
قوله: فكيف إذا جمعناهم كيف معناه: السؤال عن الحال، والتقدير: فكيف حالهم إذا جمعناهم؟ ليوم أي: لجزاء يوم، أو لحساب يوم، لا ريب فيه يعني: يوم القيامة، يجمع الخلق فيه للحساب والجزاء.
وتأويل الكلام: أي حالة تكون حال من اغتر بالدعاوى الباطلة إذا جمعوا ليوم الجزاء؟ قوله: ووفيت كل نفس أي: وفرت وجوزيت، ما كسبت أي: جزاء ما كسبت من خير أو شر، يعني: أعطيت كل نفس جزاءها كاملا، وهم لا يظلمون لا ينقص من حسناتهم، ولا يزاد على سيئاتهم.