الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون  ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون  فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون  

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يعني علماء اليهود من قريظة والنضير، أعطوا حظا من التوراة لأنهم كانوا يعلمون بعضها، يدعون إلى كتاب الله قال ابن عباس في رواية الضحاك: المراد ب كتاب الله هاهنا: القرآن.

                                                                                                                                                                                                                                      وهو قول قتادة، قال: دعوا إلى القرآن بعد أن ثبت أنه كتاب الله، حيث لم يقدر بشر أن يعارضه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ليحكم بينهم جعل الله تعالى القرآن حكما بين اليهود وبين النبي صلى الله عليه وسلم، فحكم القرآن عليهم بالضلالة فأعرضوا عنه، وهو قوله: ثم يتولى فريق منهم يعني من أعرض عن حكم القرآن فلم يؤمن به من رؤساء اليهود.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وهم معرضون قال ابن الأنباري: يجوز أن يكون المعرضون الباقين من اليهود، ويجوز أن يكون [ ص: 425 ] الفريق المتولي هم المعرضون.

                                                                                                                                                                                                                                      ثم بين سبب إعراضهم فقال: ذلك أي: ذلك الإعراض عن حكمك يا محمد، بأنهم بسبب اغترارهم ومقالتهم، حيث قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات ومضى تفسير هذا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وغرهم في دينهم الغرور: "الإطماع" فيما لا يصح.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ما كانوا يفترون يعني قولهم: لن تمسنا النار إلا أياما معدودات .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: فكيف إذا جمعناهم كيف معناه: السؤال عن الحال، والتقدير: فكيف حالهم إذا جمعناهم؟ ليوم أي: لجزاء يوم، أو لحساب يوم، لا ريب فيه يعني: يوم القيامة، يجمع الخلق فيه للحساب والجزاء.

                                                                                                                                                                                                                                      وتأويل الكلام: أي حالة تكون حال من اغتر بالدعاوى الباطلة إذا جمعوا ليوم الجزاء؟ قوله: ووفيت كل نفس أي: وفرت وجوزيت، ما كسبت أي: جزاء ما كسبت من خير أو شر، يعني: أعطيت كل نفس جزاءها كاملا، وهم لا يظلمون لا ينقص من حسناتهم، ولا يزاد على سيئاتهم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية