ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما
قوله عز وجل : ومن يطع الله والرسول الآية ، قال : السدي إن ناسا من الأنصار قالوا : يا رسول الله إنك تسكن الجنة في أعلاها ، ونحن نشتاق إليك فكيف نصنع ؟ فنزلت الآية .
وقال الشعبي :
فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم شيئا ، فأنزل الله : ومن يطع الله جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبكي ، فقال : ما يبكيك يا فلان ؟ فقال : يا رسول الله بالله الذي لا إله إلا هو لأنت أحب إلي من نفسي وأهلي ومالي وولدي ، وإني لأذكرك وأنا في أهلي فيأخذني مثل الجنون حتى أراك ، وذكرت موتي ، وأنك ترفع مع النبيين ، وإني إن دخلت الجنة كنت في منزلة أدنى من منزلتك . أي : في الفرائض ، والرسول أي : في السنن ، فأولئك : يعني المطيعين ، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين أي : أنه يستمتع برؤية النبيين ، وزيارتهم ، والحضور معهم ، فلا يتوهمن من أجل أنهم في أعلى عليين أنه لا يراهم .
[ ص: 78 ] وقوله : والصديقين كل من صدق بكل ما أمر الله ، لا يدخله شك ، وصدق الأنبياء فهو صديق ، وهو قول الله تعالى : والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون .
وقال الصديقون : أفاضل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم . الكلبي :
وقال الصديقون أول من صدقوا الأنبياء حين عاينوهم . مقاتل :
وقوله : والشهداء يعني : القتلى في سبيل الله ، والصالحين هم سائر المسلمين ، وحسن أولئك يعني : الأنبياء وهؤلاء ، رفيقا : صاحبا .
وسمي الصاحب رفيقا لارتفاقك به وبصحبته ، ويقال للجماعة في السفر : رفقة لارتفاق بعضهم ببعض .
ووحد الرفيق لأن الواحد في التمييز ينوب عن الجماعة ، نحو قولك : هو أجمل فتى .
المعنى : هو أجمل الفتيان .
قوله : ذلك أي : ذلك الثواب ، وهو الكون مع النبيين والصديقين ، الفضل من الله تفضل به على من أطاعه ، وكفى بالله عليما أي : أنه لا يضيع عنده عمل عامل لأنه لا يخفى عليه شيء .