الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا  ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما  

                                                                                                                                                                                                                                      قوله عز وجل : ومن يطع الله والرسول الآية ، قال السدي : إن ناسا من الأنصار قالوا : يا رسول الله إنك تسكن الجنة في أعلاها ، ونحن نشتاق إليك فكيف نصنع ؟ فنزلت الآية .  

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الشعبي : جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبكي ، فقال : ما يبكيك يا فلان ؟ فقال : يا رسول الله بالله الذي لا إله إلا هو لأنت أحب إلي من نفسي وأهلي ومالي وولدي ، وإني لأذكرك وأنا في أهلي فيأخذني مثل الجنون حتى أراك ، وذكرت موتي ، وأنك ترفع مع النبيين ، وإني إن دخلت الجنة كنت في منزلة أدنى من منزلتك .

                                                                                                                                                                                                                                      فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم شيئا ، فأنزل الله : ومن يطع الله
                                                                                                                                                                                                                                       
                                                                                                                                                                                                                                      أي : في الفرائض ، والرسول أي : في السنن ، فأولئك : يعني المطيعين ، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين أي : أنه يستمتع برؤية النبيين ، وزيارتهم ، والحضور معهم ، فلا يتوهمن من أجل أنهم في أعلى عليين أنه لا يراهم .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 78 ] وقوله : والصديقين كل من صدق بكل ما أمر الله ، لا يدخله شك ، وصدق الأنبياء فهو صديق ، وهو قول الله تعالى : والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الكلبي : الصديقون : أفاضل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال مقاتل : الصديقون أول من صدقوا الأنبياء حين عاينوهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : والشهداء يعني : القتلى في سبيل الله ، والصالحين هم سائر المسلمين ، وحسن أولئك يعني : الأنبياء وهؤلاء ، رفيقا : صاحبا .

                                                                                                                                                                                                                                      وسمي الصاحب رفيقا لارتفاقك به وبصحبته ، ويقال للجماعة في السفر : رفقة لارتفاق بعضهم ببعض .

                                                                                                                                                                                                                                      ووحد الرفيق لأن الواحد في التمييز ينوب عن الجماعة ، نحو قولك : هو أجمل فتى .

                                                                                                                                                                                                                                      المعنى : هو أجمل الفتيان .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : ذلك أي : ذلك الثواب ، وهو الكون مع النبيين والصديقين ، الفضل من الله تفضل به على من أطاعه ، وكفى بالله عليما أي : أنه لا يضيع عنده عمل عامل لأنه لا يخفى عليه شيء .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية