الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها وكان الله على [ ص: 89 ] كل شيء مقيتا  وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شيء حسيبا  

                                                                                                                                                                                                                                      قوله جل جلاله : من يشفع شفاعة حسنة قال الكلبي : يصلح بين اثنين .

                                                                                                                                                                                                                                      يكن له نصيب أي : أجر منها ومن يشفع شفاعة سيئة يمشي بالنميمة ، يكن له كفل إثم منها .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال مجاهد : شفاعة حسنة وشفاعة سيئة : شفاعة الناس بعضهم لبعض .

                                                                                                                                                                                                                                      قال الحسن : ما يجوز في الدين أن يشفع فيه فهو شفاعة حسنة ، وما لا يجوز أن يشفع فيه فهو شفاعة سيئة .

                                                                                                                                                                                                                                      قال : ومن يشفع شفاعة حسنة كان له فيها أجر وإن لم يشفع ؛ لأن الله تعالى قال من يشفع ولم يقل : من يشفع .

                                                                                                                                                                                                                                      ويؤيد هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم : "اشفعوا تؤجروا "   .

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا أبو صادق محمد بن أحمد بن شاذان الصيدلاني ، حدثنا محمد بن يعقوب المعقلي ، حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني ، أخبرنا حفص بن عمر ، حدثني ابن جريج ، عن عطاء ، عن عبد الله بن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في ملكه ، ومن أعان على خصومة بغير علم كان في سخط الله حتى ينزع "  وأما الكفل ، فقال أبو عبيدة ، والفراء ، وجميع أهل اللغة : الكفل الحظ والنصيب ، وهو قول مجاهد ، والسدي ، والربيع ، وابن زيد .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : وكان الله على كل شيء مقيتا قال الفراء ، وابن قتيبة : المقيت : المقتدر ، يقال : أقات على الشيء إذا قدر عليه .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 90 ] وهو قول السدي ، وابن زيد ، واختيار الكسائي ، وقال آخرون : المقيت الحافظ .

                                                                                                                                                                                                                                      وهو قول ابن عباس ، وقتادة ، واختيار الزجاج ، قال : معنى المقيت الحافظ الذي يعطي الشيء قدر الحاجة ، من الحفظ ، وقال مجاهد : المقيت الشهيد .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله جل جلاله : وإذا حييتم بتحية التحية : السلام ، يقال : حيا يحيي تحية إذا سلم ، قال ابن عباس : وإذا حييتم بتحية يريد السلام ، فحيوا بأحسن منها وهو الزيادة على التحية إذا كان المسلم من أهل الإسلام ،  يريد : ورحمة الله وبركاته .

                                                                                                                                                                                                                                      وإذا كان من غير أهل دين الإسلام يقول : وعليكم .

                                                                                                                                                                                                                                      لا يزيد على ذلك ، وهو قوله : أو ردوها ، قال الضحاك : إذا قال : السلام عليكم .

                                                                                                                                                                                                                                      فقلت : وعليكم السلام ورحمة الله .

                                                                                                                                                                                                                                      وإذا قال : السلام عليكم ورحمة الله .

                                                                                                                                                                                                                                      فقلت : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .

                                                                                                                                                                                                                                      فقد حييته بأحسن منها وهنا منتهى السلام .

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم النصر أباذي ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي ، أخبرني الحسن بن سفيان ، حدثنا عبد الله بن عمر الحفص ، حدثنا أبو أسامة ، حدثني موسى بن عبيدة ، عن أيوب بن خالد ، عن أبي أمامة ، عن مالك بن التيهان ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من قال السلام عليكم كتب له عشر حسنات ، ومن قال السلام عليكم ورحمة الله كتب له عشرون حسنة ، ومن قال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كتب له ثلاثون حسنة " قوله : إن الله كان على كل شيء حسيبا  قال ابن عباس : مجازيا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الزجاج : أي يعطي كل شيء من العلم والحفظ والجزاء مقدار ما يحسبه أي يكفيه .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية