الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون  ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح الظالمون  ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون  ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين  انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: الذين آتيناهم الكتاب يعني: اليهود والنصارى يعرفونه يعرفون محمدا بالنبوة والصدق بما يجدونه مكتوبا عندهم في صفته ونعته كما يعرفون أبناءهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد تقدم تفسير هذا في سورة البقرة، وباقي الآية مفسر في هذه السورة.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا قال ابن عباس: ومن أكفر ممن اختلق على الله كذبا فأشرك به الآلهة، والمعنى: لا أحد أظلم منه.

                                                                                                                                                                                                                                      أو كذب بآياته يعني: القرآن، وهم اليهود والنصارى كذبوا القرآن ومعجزاته، إنه لا يفلح الظالمون قال ابن عباس: لا يسعد من جحد ربوبية ربه، وكذب رسله.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 260 ] قوله: ويوم نحشرهم جميعا انتصب يوم بمحذوف تقديره: واذكر يوم نحشرهم.

                                                                                                                                                                                                                                      يعني: يوم القيامة يجمع الله فيه الكفار والمشركين ثم يسألهم سؤال توبيخ عما أشركوا بالله من الأوثان وهو قوله: ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون قال المفسرون: إن المشركين كانوا يزعمون أن آلهتهم تشفع لهم عند الله، فقيل لهم يوم القيامة: أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون أنها تشفع لكم؟ قوله: ثم لم تكن فتنتهم وقرئ بالياء لأن الفتنة بمعنى الافتتان فجاز تذكيره، وقرئ فتنتهم رفعا ونصبا، فمن رفع جعله اسم كان، وجعل: إلا أن قالوا الخبر، ومن نصب جعل: إلا أن قالوا الاسم وفتنتهم الخبر.

                                                                                                                                                                                                                                      قال الزجاج: تأويل هذه الآية تأويل حسن لطيف، وذلك أن الله تعالى ذكر فيما تقدم أمر المشركين وأنهم مفتونون بشركهم، ثم أعلم أنه لم يكن افتتانهم بشركهم وإقامتهم عليه إلا أن تبرءوا منه وانتفوا عنه، وهو قولهم: والله ربنا ما كنا مشركين .

                                                                                                                                                                                                                                      قرئ ربنا بالخفض على نعت الله، ومن نصب جعله منادى مضافا.

                                                                                                                                                                                                                                      قال الله عز وجل: انظر: يا محمد كيف كذبوا على أنفسهم باعتذارهم بالباطل وجحد شركهم في الآخرة، قاله قتادة وعطاء.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: وضل عنهم أي: زال وبطل ما كانوا يفترون بعبادته من الأصنام فلم تغن عنهم شيئا، وذلك [ ص: 261 ] أنهم كانوا يرجون شفاعتها ونصرتها لهم، فبطل ذلك في ذلك اليوم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية