إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين
قوله تعالى: إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم الآية: قال القرظي: بمكة، وهم سبعون نفسا، قال اشترط لربك ولنفسك ما شئت. عبد الله بن رواحة:
قال: " أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، ولنفسي أن تمنعوني ما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم.
قالوا: فإذا فعلنا ذلك فما لنا؟ قال: الجنة.
قالوا: ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل. لما بايعت الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة
فنزلت هذه الآية، ومعنى هذا: أن المؤمن إذا قاتل في سبيل الله حتى يقتل فتذهب روحه، أو أنفق ماله في سبيل الله، أخذ من الله في الآخرة الجنة جزاء لما فعل، فجعل هذا اشتراء، هذا معنى قوله: اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة قال يريد: بالجنة. ابن عباس:
قال اسعوا إلى بيعة ربيحة بايع الله بها كل مؤمن. الحسن:
وقال ثامنهم فأغلى ثمنهم. قتادة:
وقوله: فيقتلون ويقتلون قال يقتلون أعدائي ويقتلون في طاعتي. ابن عباس:
وقرأ حمزة: فيقتلون ويقتلون وهذا كالذي تقدم لأن المعطوف بالواو يجوز أن يراد به التقديم، وقوله: وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن يعني: أن الله وعدهم هذا الوعد، وبين ذلك في هذه الكتب التي أنزلها، ثم قال: ومن أوفى بعهده من الله أي: لا أحد أوفى بما وعد من الله، فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به فافرحوا بهذا البيع أيها المؤمنون وهو أنكم إذا بذلتم أنفسكم وأموالكم في الجهاد أخذتم من الله الجنة وذلك هو الفوز العظيم .
قوله: التائبون قال استؤنفت - بالرفع - لتمام الآية قبلها وانقطاع الكلام فحسن الاستئناف. الفراء:
وقال الذي عندي أن قوله: التائبون رفع بالابتداء وخبره مضمر، المعنى: التائبون إلى آخر الآية لهم الجنة [ ص: 527 ] أيضا، أي: من لم يجاهد غير معاند ولا قاصد لترك الجهاد فله الجنة أيضا. الزجاج:
وهذا الذي قاله حسن: لأنه وعد لجميع المؤمنين بالجنة خاصا للمجاهدين الموصوفين بهذه الصفات، قال الزجاج التائبون: الراجعون عن الشرك. ابن عباس:
وقال التائبون من الشرك ثم لم ينافقوا في الإسلام. قتادة:
العابدون الذين يرون عبادة الله تعالى واجبة عليهم، الحامدون الله على كل حال، السائحون قال عامة المفسرين: الصائمون، قال عن الوالبي، كل ما ذكر في القرآن من السياحة فهو الصيام. ابن عباس:
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " سياحة أمتي الصيام " .
قال هذا صوم الفرض. الحسن:
الراكعون الساجدون قال الذين يصلون لله بنية صادقة. ابن عباس:
الآمرون بالمعروف بالإسلام وفرائض الله وحدوده، والناهون عن المنكر عن ترك حدود الله وفرائضه، والحافظون لحدود الله قال القائمون بأمر الله. الزجاج: