الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم  التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين  

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم الآية: قال القرظي: لما بايعت الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة بمكة، وهم سبعون نفسا، قال عبد الله بن رواحة: اشترط لربك ولنفسك ما شئت.

                                                                                                                                                                                                                                      قال: " أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، ولنفسي أن تمنعوني ما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم.

                                                                                                                                                                                                                                      قالوا: فإذا فعلنا ذلك فما لنا؟ قال: الجنة.

                                                                                                                                                                                                                                      قالوا: ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل.
                                                                                                                                                                                                                                       


                                                                                                                                                                                                                                      فنزلت هذه الآية، ومعنى هذا: أن المؤمن إذا قاتل في سبيل الله حتى يقتل فتذهب روحه، أو أنفق ماله في سبيل الله، أخذ من الله في الآخرة الجنة جزاء لما فعل، فجعل هذا اشتراء، هذا معنى قوله: اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة قال ابن عباس: يريد: بالجنة.

                                                                                                                                                                                                                                      قال الحسن: اسعوا إلى بيعة ربيحة بايع الله بها كل مؤمن.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال قتادة: ثامنهم فأغلى ثمنهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فيقتلون ويقتلون قال ابن عباس: يقتلون أعدائي ويقتلون في طاعتي.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ حمزة: فيقتلون ويقتلون وهذا كالذي تقدم لأن المعطوف بالواو يجوز أن يراد به التقديم، وقوله: وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن يعني: أن الله وعدهم هذا الوعد، وبين ذلك في هذه الكتب التي أنزلها، ثم قال: ومن أوفى بعهده من الله أي: لا أحد أوفى بما وعد من الله، فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به فافرحوا بهذا البيع أيها المؤمنون وهو أنكم إذا بذلتم أنفسكم وأموالكم في الجهاد أخذتم من الله الجنة وذلك هو الفوز العظيم .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: التائبون قال الفراء: استؤنفت - بالرفع - لتمام الآية قبلها وانقطاع الكلام فحسن الاستئناف.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الزجاج: الذي عندي أن قوله: التائبون رفع بالابتداء وخبره مضمر، المعنى: التائبون إلى آخر الآية لهم الجنة [ ص: 527 ] أيضا، أي: من لم يجاهد غير معاند ولا قاصد لترك الجهاد فله الجنة أيضا.

                                                                                                                                                                                                                                      وهذا الذي قاله الزجاج حسن: لأنه وعد لجميع المؤمنين بالجنة خاصا للمجاهدين الموصوفين بهذه الصفات، قال ابن عباس: التائبون: الراجعون عن الشرك.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال قتادة: التائبون من الشرك ثم لم ينافقوا في الإسلام.

                                                                                                                                                                                                                                      العابدون الذين يرون عبادة الله تعالى واجبة عليهم، الحامدون الله على كل حال، السائحون قال عامة المفسرين: الصائمون، قال الوالبي، عن ابن عباس: كل ما ذكر في القرآن من السياحة فهو الصيام.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " سياحة أمتي الصيام "   .

                                                                                                                                                                                                                                      قال الحسن: هذا صوم الفرض.

                                                                                                                                                                                                                                      الراكعون الساجدون قال ابن عباس: الذين يصلون لله بنية صادقة.

                                                                                                                                                                                                                                      الآمرون بالمعروف بالإسلام وفرائض الله وحدوده، والناهون عن المنكر عن ترك حدود الله وفرائضه، والحافظون لحدود الله قال الزجاج: القائمون بأمر الله.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية