ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم فنذر الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون
قوله: ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير التعجيل: تقديم الشيء قبل وقته، والاستعجال: طلب العجلة، قال هو دعاء الرجل على نفسه وولده وأهله وماله بما يكره أن يستجاب له. قتادة:
وقال إن الناس عند الغضب والضجر يدعون على أنفسهم وأهليهم وأولادهم بالموت وتعجيل البلاء، كما يدعون بالرزق والرحمة وإعطاء السؤال، يقول: فلو أجابهم الله إذا دعوا بالشر الذي يستعجلون به استعجالهم بالخير ابن قتيبة: لقضي إليهم أجلهم .
قال عامة المفسرين: لماتوا وهلكوا جميعا وفرغ من هلاكهم.
وتحقيق التأويل: لو أجيبوا إلى ما يدعون به من الشر والعذاب لفرغ إليهم من أجلهم بأن ينقضي الأجل فيموتوا ويحصلوا في العذاب والبلاء، وقرأ ابن عامر لقضى إليهم أجلهم بفتح القاف على إسناد الفعل إلى الله لأن ذكره قد تقدم، وذكر أن هذه الآية نزلت في النضر بن الحارث حين قال: اللهم إن كان هذا هو الحق الآية، يدل على صحة هذا قوله: فنذر الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون يعني: الكفار الذين لا يخافون البعث، قوله: وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أي: مضطجعا على جنبه، قال ابن عباس: إذا أصاب الكافر ما يكره من فقر أو مرض أو بلاء أو شدة أخلص في الدعاء مضطجعا كان أو قائما أو قاعدا.
فلما كشفنا عنه ضره مر طاغيا على ترك الشكر ولم يتعظ بما ناله، كأن لم يدعنا إلى ضر مسه قال نسي ما دعا الله فيه وما صنع الله به فيما كشف عنه من البلاء، الحسن: كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون أي: كما زين لهذا الكافر الدعاء عند البلاء والإعراض عند الرخاء زين للمسرفين عملهم، يريد المشركين، قال ابن كيسان: أسرفوا على أنفسهم إذ عبدوا الوثن.
قال نزلت الآية في عطاء: عتبة بن ربيعة والوليد بن المغيرة.
قوله: ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا يخوف كفار مكة بمثل عذاب الأمم الخالية، وجاءتهم رسلهم بالبينات بالمعجزات الظاهرة، وما كانوا ليؤمنوا قال ألزمهم الله ترك الإيمان لمعاندتهم الحق وإيثارهم الباطل. ابن الأنباري:
وقال أعلم الله أنهم لا يؤمنون ولو بقاهم أبدا؛ لأنه جعل جزاءهم بكفرهم الطبع على قلوبهم. الزجاج:
كما [ ص: 541 ] قال: فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل الآية، وقوله: كذلك نجزي القوم المجرمين أي: نعاقب ونهلك المكذبين بمحمد صلى الله عليه وسلم كما فعلنا بمن قبلهم، ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم قال يريد ابن عباس: أهل مكة، والمعنى: استخلفكم في الأرض من بعد القرون الماضية، لننظر كيف تعملون قال لنختبركم ونختبر أعمالكم. ابن عباس:
وقال ما جعلنا الله خلائف إلا لينظر إلى أعمالنا، فأروا الله من أعمالكم خيرا بالليل والنهار. قتادة: