قوله: وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم إذا لهم مكر في آياتنا قل الله أسرع مكرا إن رسلنا يكتبون ما تمكرون هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا ثم إلينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون
وإذا أذقنا الناس رحمة يعني مطرا وخصبا وغنى، من بعد ضراء مستهم من بعد قحط وبؤس وفقر، إذا لهم مكر في آياتنا سعي في دفع القرآن والتكذيب به، أي: إذا أخصبوا بطروا فكذبوا بالقرآن، قل الله أسرع مكرا أي: أن ما يأتيهم من العذاب أسرع في إهلاكهم مما أتوه من المكر في إبطال القرآن، قال فقتلهم الله يوم مقاتل: بدر وجازى [ ص: 543 ] مكرهم في آياته بعقاب ذلك اليوم، فكان أسرع في إهلاكهم من كيدهم في إهلاك محمد صلى الله عليه وسلم وإبطال آياته، ثم أوعدهم بالجزاء في الآخرة بقوله: إن رسلنا يكتبون ما تمكرون يعني: بالرسل الحفظة.
قوله: هو الذي يسيركم في البر على الدواب، وفي البحر على السفن، يقال: سيرته من مكان إلى مكان.
أي: شخصته وقرأ ابن عامر: ينشركم من النشر بعد الطي، وحجته قوله: فانتشروا في الأرض ، وقوله: حتى إذا كنتم في الفلك يعني السفن، وجرين بهم عاد بعد المخاطبة إلى الإخبار عنهم، وقوله: بريح طيبة أي: رخاء لينة، وفرحوا بها بتلك الريح للينها واستوائها، جاءتها جاءت الفلك، ريح عاصف شديد الهبوب وجاءهم الموج وهو ما ارتفع من الماء، من كل مكان من البحر، وظنوا أيقنوا أنهم أحيط بهم دنوا من الهلاك دعوا الله مخلصين له الدين قال تركوا الشرك وأخلصوا لله الربوبية، وقالوا: ابن عباس: لئن أنجيتنا من هذه الريح العاصف، لنكونن من الشاكرين الموحدين الطائعين.
فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق يعملون فيها بالفساد والمعاصي والجرأة على الله، يا أيها الناس يعني: أهل مكة، إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا أي: بغي بعضكم على بعض، وما تنالونه، إنما تتمتعون به في الحياة الدنيا، فهو متاع في الدنيا، ومن نصب فعلى المصدر، والمعنى: تتمتعون متاع الحياة الدنيا، ويدل انتصاب المصدر على المحذوف، ثم إلينا مرجعكم في الآخرة، فننبئكم بما كنتم تعملون نخبركم في الآخرة بأعمالكم لأنا أثبتناها عليكم.