ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين
قوله: ألا إنهم يثنون صدورهم يقال: ثنيت الشيء ثنيا إذا عطفته وطويته، وكان طائفة من المشركين يقولون: إذا أغلقنا أبوابنا، وأرخينا ستورنا، واستغشينا ثيابنا، وثنينا صدورنا على عداوة محمد صلى الله عليه وسلم كيف يعلم به؟ فأخبر الله عز وجل عما كتموه.
ومعنى يثنون صدورهم: يطوونها على عداوة محمد صلى الله عليه وسلم، قال كذلك أخفى ما يكون من ابن آدم إذا حنا ظهره، واستغشى ثيابه، وأضمر همه في نفسه. قتادة:
قوله: ليستخفوا منه أي: ليتواروا عنه ويكتموا عداوته، فقال الله تعالى: ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون قال أعلم الله أن سرائرهم يعلمها كما يعلم مظهراتهم. ابن الأنباري:
إنه عليم بذات الصدور قال يريد: بما في النفوس. ابن عباس:
والمعنى: تحقيقه ما في القلوب من المضمرات.
قوله: وما من دابة في الأرض الآية، يعني: ما من حيوان يدب، قال الدابة: اسم لكل حيوان مميز وغيره، بني على هاء التأنيث، وأطلق على كل حيوان ذي روح ذكرا كان أو أنثى. الزجاج:
قوله: إلا على الله رزقها قال المفسرون: فضلا لا وجوبا والله تكفل بذلك بفضله.
أخبرنا أبو نصر أحمد بن إبراهيم المهرجاني، أنا عبيد الله بن محمد الزاهد، أنا أبو القاسم ابن بنت ابن منيع، نا نا أبو خيثمة، وكيع، قال: نا وأبو معاوية عن الأعمش، سلام بن سلام بن شرحبيل، قال: سمعت حبة، وسواء ابني خالد يقولان: أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعمل عملا يبني بناء، فأعناه عليه فلما فرغ دعا لنا وقال: " لا تيأسا من الرزق مهما تهزهزت رءوسكما، فإن الإنسان ولدته أمه أحمر ليس عليه قشرة ثم يعطيه الله ويرزقه " وقال أهل المعاني: على هاهنا بمعنى من، المعنى من الله رزقها، ويدل على صحة هذا قول ما [ ص: 565 ] جاءها من رزق فمن الله، وربما لم يرزقها حتى تموت جوعا. مجاهد:
قوله: ويعلم مستقرها حين تأوي إليه ومستودعها حيث تموت.
وهو قول ابن عباس.
وقال قتادة، أما مستقرها ففي الرحم، وأما مستودعها ففي الصلب. ومجاهد:
كل ذلك عند الله في كتاب مبين يعني: اللوح المحفوظ، والمعنى: أن ذلك ثابت في علم الله.