فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا قال كبيرهم ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله ومن قبل ما فرطتم في يوسف فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي وهو خير الحاكمين ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها وإنا لصادقون
فلما استيأسوا منه يئس واستيأس واحد مثل عجب واستعجب، وسخر واستسخر، وقال يئسوا أن يخلى سبيله معهم. ابن عباس:
خلصوا نجيا انفردوا من غير أن يكون معهم من ليس منهم، والنجي فعيل بمعنى المناجي، يقع على الواحد كقوله تعالى: وقربناه نجيا ، وعلى الجمع كقوله: خلصوا نجيا قال انفردوا وليس معهم أخوهم متناجين فيما يفعلون في ذهابهم إلى أبيهم من غير أخيهم الزجاج: قال كبيرهم وهو يهوذا في قول عطاء، وقال والكلبي، لم يكن أكبرهم سنا ولكن كان أكبرهم في صحة الرأي. مقاتل:
وقال هو مجاهد: شمعون، وكان أكبرهم في العقل والعلم.
وقال قتادة، هو والسدي: روبيل، وكان أكبرهم سنا، قال ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله في حفظ الأخ ورده إليه ومن قبل ما فرطتم في يوسف : ما لغو معناه: ومن قبل هذا ضيعتم يوسف فلن أبرح الأرض يقال: برح الرجل براحا.
إذا تنحى عن موضعه، ويريد بالأرض أرض مصر، يقول: لن أخرج من أرض مصر حتى يأذن لي أبي قال حتى يبعث لي أبي أن آتيه ابن عباس: أو يحكم الله لي يقضي في أمري شيئا وهو خير الحاكمين أعدلهم [ ص: 626 ] وأفضلهم.
ارجعوا أنتم إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك بنيامين سرق صواع الملك وما شهدنا بأنه سرق إلا بما علمنا لأنه وجد المسروق في رحله ونحن ننظر وما كنا للغيب حافظين قال لم نعلم ما كان يصنع في ليله ونهاره. ابن عباس:
والمعنى: ما كنا لغيب ابنك حافظين، أي: إنا كنا نحفظه في محضره فإذا غاب عنا ذهب عن حفظنا، وقال مجاهد، وقتادة، ما كنا نشعر أن ابنك سيسرق ويصير الأمر إلى هذا، ولو علمنا ذلك ما ذهبنا به، وقال والحسن: معناه: قد أخذت السرقة من رحله ونحن ننظر، ولا علم لنا بالغيب فلعلهم سرقوه. ابن إسحاق:
قوله: واسأل القرية التي كنا فيها أي: قولوا لأبيكم سل أهل القرية ليتبين لك صدقنا والعير التي أقبلنا فيها يعني: أهل الرفقة التي كنا فيها، وهم الذين امتاروا معهم، وكان قد صحبهم قوم من الكنعانيين وإنا لصادقون فيما قلنا.