قوله: [ ص: 68 ] للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم فهو وليهم اليوم ولهم عذاب أليم وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون
للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء أي: صفة السوء من احتياجهم إلى الولد وكراهيتهم الإناث خوف العيلة والعار، ولله المثل الأعلى الصفة العليا من تنزهه عن الولد.
قوله: ولو يؤاخذ الله الناس قال : يريد المشركين. ابن عباس
بظلمهم بافترائهم على الله، ما ترك عليها على الأرض، من دابة يعني دواب الأرض، قال : يقول لأقحط المطر، فلم يبق في الأرض دابة إلا هلكت. السدي
وروي عن ، أنه قرأ هذه الآية، فقال: كاد أن يهلك الجعل في جحره بذنب ابن ابن مسعود آدم .
والمعنى أن ، شؤم ذنوب المشركين كاد أن يصيب دواب الأرض حتى تهلك بسبب ذلك لولا حلم الله وتأخيره العقوبة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى يعني منتهى آجالهم، وانقضاء أعمارهم، وباقي الآية تقدم تفسيره.
ويجعلون يعني المشركين، لله ما يكرهون يعني البنات، والمعنى: يحكمون لله بما يكرهون هم لأنفسهم، وتصف ألسنتهم الكذب أي: تقول الكذب، ثم فسر ذلك الكذب، فقال: أن لهم الحسنى يعني الجنة، قال : يصفون أن لهم مع قبيح قولهم من الله الجزاء الحسن، فرد الله عليهم قولهم، وأثبت لهم النار، فقال: الزجاج لا جرم أن لهم النار ، لا رد لقولهم، أي: ليس الأمر على ما وصفوا جرم فعلهم وقولهم، أي: كسب لهم النار، والمفسرون يقولون: حقا إن لهم النار، وأنهم مفرطون قال ، مجاهد ، والكلبي : متركون منسيون في النار. والضحاك
وقال : يقال: ما أفرطت [ ص: 69 ] من القوم أحدا، أي ما تركت. الكسائي
وقال : تقول العرب: أفرطت من القوم ناسا، أي خلقتهم ونسيتهم. الفراء
وقال : معجلون إلى النار، يقال: أفرط القوم الفارط إذا قدموا إلى الماء ليصلح لهم شأنهم. قتادة
وهذا اختيار الزجاج، قال: معنى مفرطون مقدمون إلى النار.
وقرأ نافع بكسر الراء على معنى أنهم أفرطوا في الذنوب فكانوا مفرطين على أنفسهم في معصية الله، وقال : أفرطوا في الافتراء على الله. ابن عباس
قوله: تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك قال يعزي نبيه صلى الله عليه وسلم بهذا. ابن عباس
يقول: لقد أرسلنا إلى أمم، يعني رسلا وأنبياء من قبلك، فزين لهم الشيطان حتى عصوا وكذبوهم، فهو وليهم اليوم يعني يوم القيامة، يقول: فهو ولي أولئك الذين زين لهم سوء أعمالهم يوم القيامة، ومن كان الشيطان وليه ذلك اليوم دخل النار.
وما أنزلنا عليك الكتاب يعني القرآن وما فيه من أخبار الأمم الماضية، إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه إلا لتبين لهؤلاء الكفار ما اختلف فيه الأمم من الدين والأحكام، فذهبوا فيه إلى خلاف ما ذهب إليه المسلمون، فتقوم الحجة عليهم بدعائك وبيانك، وهدى ورحمة وللهدى والرحمة، لقوم يؤمنون.