لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموما مخذولا وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا
قوله: لا تجعل مع الله إلها آخر ، والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، والمعنى عام لجميع المكلفين على نحو لا تعبد معه غيره، ولا تتخذ دونه إلها يا أيها النبي إذا طلقتم النساء ، فتقعد مذموما مخذولا لا ناصر لك.
قوله: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه قال : يريد وأمر ربك ليس هو قضاء حكم. ابن عباس
وهو قول ، مجاهد ، والحسن ، وعامة المفسرين. وقتادة
قال : العرب تقول: تركته يقضي أمور الناس، أي يأمر فيها فينفذ أمره. الفراء
قال : وقضى ربك معناه أمر; لأنه أمر قاطع حتم. الزجاج
قوله: وبالوالدين إحسانا أي: أمر أن تحسنوا بالوالدين.
أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد الأصفهاني ، نا عبد الله بن محمد بن جعفر الأصفهاني ، أنا أبو عمرو القباب ، نا [ ص: 103 ] ، نا الفضل بن دكين أبو معاوية النخعي ، نا ، حدثني صاحب هذه الدار; يعني: أبو عمرو الشيباني ، قال: عبد الله بن مسعود سئل النبي، صلى الله عليه وسلم: " أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة لميقاتها، قيل: ثم أي؟ قال: بر الوالدين ولو استزدته لزادني" .
أخبرنا أبو نصر المهرجاني ، أنا عبيد الله بن محمد بن بطة ، أنا ، نا البغوي ، نا أحمد بن عيسى المصري عبد الله بن وهب ، عن يحيى بن أيوب ، عن زيان بن فائد ، عن ، عن أبيه: أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: سهل بن معاذ "من بر والديه طوبى له، وزاد الله في عمره" .
أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم النصرابادي ، أخبرنا عبد الله بن عمر الجوهري ، نا ، حدثني عبد الله بن أحمد بن حنبل عثمان ابن أبي شيبة ، نا ، عن عبد الله بن إدريس عبد الرحمن بن سليمان ، عن أسيد بن علي بن عبيد ، مولى بني ساعدة ، عن أبيه ، عن أبي أسيد مالك بن ربيعة الأنصاري ، قال: بني سلمة ، فقال: قال: نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما يا رسول الله، هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ وقوله: بينا نحن عند رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إذ جاءه رجل من إما يبلغن عندك الكبر يعني الكبر في السن إن عاشا عندك أيها الإنسان المخاطب حتى يكبرا، وقرأ يبلغان قال حمزة : ثنى لأن الوالدين قد ذكرا قبله فصار الفعل على عددهما. الفراء
ثم قال: أحدهما أو كلاهما على الاستئناف، فلا تقل لهما أف قال : يريد بالأف الرديء من الكلام، أن تقول لهما: أماتكما الله، أراحني [ ص: 104 ] الله منكما. ابن عباس
وقال : يبلغان أن يخريا أو يبولا، فلا تقل لهما أف، ولا تأذيهما كما لم يكونا يتأذيان به منك. مجاهد
وقال : لا تستثقل شيئا من أمرهما، الناس يقولون لما يكرهون ويستثقلون أف له. ابن قتيبة
أخبرنا أحمد بن الحسن القاضي ، أنا حاجب بن أحمد ، نا عبد الرحيم بن منيب ، نا جرير ، أنا سهيل ، عن أبيه ، عن ، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: أبي هريرة " رغم أنفه، رغم أنفه، قالوا: من يا رسول الله؟ قال: "من أدرك أبويه عند الكبر، أحدهما، أو كلاهما، ثم لم يدخل الجنة" ، رواه ، عن مسلم ، عن زهير بن حرب جرير وقوله: ولا تنهرهما يقال: نهره وانتهره إذا استقبله بكلام يزجره.
قال : يريد الجواب بالغلظة. ابن عباس
وقال : لا تكلمهما ضجرا صائحا في وجوههما. الزجاج
وقل لهما قولا كريما لينا لطيفا أحسن ما تجد من القول.
واخفض لهما جناح الذل من الرحمة ألن لهما جانبك متذللا لهما من رحمتك إياهما وشفقتك عليهما، وخفض الجناح من السكون وترك التعصب والإباء عليهما، وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا أي: مثل رحمتهما إياي في صغري حتى ربياني، وقال : هكذا علمتم، وبهذا أمرتم، فخذوا بتعليم الله وأدبه. قتادة
ربكم أعلم بما في نفوسكم أي: بما تضمرون من البر والعقوق، فمن بدرت منه بادرة وهو لا يضمر عقوقا، غفر الله له ذلك، وهو قوله: إن تكونوا صالحين طائعين لله تعالى، فإنه كان للأوابين الراجعين عن المعاصي، النادمين على الزلات، غفورا يغفر لهم ما بدر منهم.