الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله: فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا  قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا  قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا

                                                                                                                                                                                                                                      فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله روي في حديث أبي بن كعب ، أنهما خرجا، حتى لقيا غلاما يلعب مع [ ص: 159 ] الصبيان، فقال به هكذا، كأنه اجتذب رأسه، فقلعه، وأشار عبد الرزاق حين روى هذا الحديث بأصابعه الثلاثة: السبابة، والوسطى، والإبهام وفتحها.

                                                                                                                                                                                                                                      وروى سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أن ذلك الغلام كان من أحسن أولئك الغلمان وأصحهم   .

                                                                                                                                                                                                                                      قال موسى حين رأى ذلك: أقتلت نفسا زكية قال ابن عباس ، ومجاهد : لم يبلغ الحلم.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى الزكية الطاهرة من الذنوب، وذلك لأنه كان صغيرا لم يبلغ حد التكليف، وقرئ زاكية وهي البريئة من الذنوب، قال الفراء : الزاكية والزكية مثل القاسية والقسية.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: بغير نفس يعني: بغير قتل نفس، يعني القود، لقد جئت شيئا نكرا فظيعا منكرا، لا يعرف في شرع.

                                                                                                                                                                                                                                      فقال الخضر : ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا .

                                                                                                                                                                                                                                      قال موسى : إن سألتك عن شيء يعني: سؤال توبيخ وإنكار، بعدها بعد النفس المقتولة، فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا قال ابن عباس : يريد أنك قد أعذرت فيما بيني وبينك، وقد أخبرتني أني لا أستطيع معك صبرا، وهذا إقرار من موسى بأن الخضر قد قدم إليه ما يوجب العذر عنده فلا يلزمه ما أنكره.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية، فقال: "لقد استحى نبي الله موسى عندها، ولو صبر، لرأى ألفا من العجائب" .

                                                                                                                                                                                                                                      وقراءة العامة بتشديد النون من لدن والأصل لدن، ثم يزاد مع الياء، نحو مني، وعني، ثم يدغم النون الساكنة في التي تزاد مع الضمير فيصير لدني مشددا، ومن خفف فإنه لم يلحق النون التي تلحق علامة الضمير في نحو ضربني، وقد جمع الشاعر بين اللغتين في قوله:


                                                                                                                                                                                                                                      قدني من نثر الخبيبين قدني

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية