قوله: فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية قال ابن عباس : هي أنطاكية .
وقال ابن سيرين : الأبلة.
استطعما أهلها سألاهم الطعام، فأبوا أن يضيفوهما روى أبي بن كعب ، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "كانوا أهل قرية لئاما" .
والتضييف والإضافة بمعنى واحد، فوجدا فيها في تلك القرية، جدارا يريد أن ينقض الإرادة في صفة الجدار مجاز، ومعناه: قرب أن ينقض، وذلك على التشبيه بحال من يريد أن يفعل، قال الزجاج : والجدار لا يريد إرادة حقيقية إلا أن هيئته في التهيؤ للسقوط قد ظهرت كما تظهر أفعال المريدين القاصدين.
فوصف الإرادة إذ كانت الصورتان واحدة، وأنشد الراعي يصف إبلا:
في مهمة فلقت به هاماتها فلق الفؤوس إذا أردن نصولا
ومعنى الانقضاض السقوط بسرعة، يقال: انقض الحائط إذا وقع، وانقض الطائر إذا هوى من طيرانه فسقط على شيء، وقوله: فأقامه أي سواه; لأنه وجده مائلا، وفي حديث أبي بن كعب : انتهيا إلى جدار مائل، فدفعه بيده فقام، فقال موسى : لو شئت لاتخذت عليه أي: على إقامته وإصلاحه، أجرا قال الفراء : لو شئت لم تقمه حتى يقرونا، فهو الأجر.وقرأ أبو عمرو لتخذت يقال: تخذ فلان، يتخذ تخذا مثل اتخذ، ألزمت التاء الحرف كأنها أصلية، لما رأوا التاء في اتخذ ظنوها أصلية، فقالوا في الثلاثي تخذ، كما قالوا: تقي من اتقى.
قال الخضر : هذا فراق بيني وبينك أي: هذا الكلام والإنكاء علي بترك الأجر، هو المفرق بيننا، قال الزجاج : المعنى هذا فراق بيننا، أي هذا فراق اتصالنا، وكرر بين تأكيدا.


