الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله: ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا  فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا  

                                                                                                                                                                                                                                      ويسألونك عن الجبال قال ابن عباس: سأل رجل من ثقيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: كيف تكون الجبال يوم القيامة؟ فأنزل الله هذه الآية.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ينسفها ربي نسفا قال المفسرون: يصيرها الله رمالا تسيل، ثم يصيرها كالصوف المنفوش يطيرها الرياح.

                                                                                                                                                                                                                                      فيذرها أي: يدع أماكنها من الأرض إذا نسفها، قاعا قال الفراء: القاع ما انبسط من الأرض، ويكون فيه السراب نصف النهار، وجمعه قيعة، ومنه قوله: كسراب بقيعة .

                                                                                                                                                                                                                                      صفصفا والصفصف الأملس الذي لا نبات فيه، ونحو هذا قال المفسرون.

                                                                                                                                                                                                                                      لا ترى فيها عوجا ولا أمتا قال عكرمة، عن ابن عباس: ليس [ ص: 222 ] فيه منخفض ولا مرتفع.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال مجاهد: انخفاضا وارتفاعا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال قتادة: لا ترى فيها صدعا ولا أكمة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الحسن: العوج ما انخفض من الأرض، والأمت ما نشز من الروابي.

                                                                                                                                                                                                                                      وتقول العرب: ملأ سقاءه حتى ليس فيه أمت، إذا لم ينثن لتمام الامتلاء.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: يومئذ يتبعون الداعي قال الفراء: يعني صوت الداعي للحشر.

                                                                                                                                                                                                                                      قال المفسرون: يتبعون صوت داعي الله الذي يدعوهم إلى موقف القيامة.

                                                                                                                                                                                                                                      لا عوج له لا عوج لهم عن الداعي، فلا يقدرون إلا أن يتبعوه، قال ابن عباس: كلهم تبع الصوت لا يتعوج عنه، وخشعت الأصوات للرحمن سكتت وذلت وخضعت، فلا تسمع إلا همسا قال أكثر المفسرين: يعني صوت نقل الأقدام إلى المحشر، والهمس الصوت الخفي كصوت أخفاف الإبل في المشي، وروى سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: يعني تحريك الشفاه بغير منطق.

                                                                                                                                                                                                                                      وهو قول مجاهد: الكلام الخفي.

                                                                                                                                                                                                                                      والمعنى على هذا التفسير: سكتت الأصوات، فلا يجهر أحد بكلام إلا كالسر من الإشارة بالشفة، وتحريك الفم من غير صوت.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية