قوله: وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين يريد لم نخلقهما عبثا ولا باطلا، بل خلقناهم لأمر، وهو ما ذكر فقال: لأجازي أوليائي، وأعذب أعدائي. ابن عباس،
وقال غيره: خلقناها دلالة على قدرتنا ووحدانيتنا، ليعتبروا بخلقها، ويتفكروا فيها، فيعلموا أن العبادة لا تصلح إلا لخالقها.
قوله: لو أردنا أن نتخذ لهوا قال في رواية ابن عباس يريد النساء. عطاء:
وهو قول الحسن، قالا: اللهو بلغة اليمن المرأة. وقتادة،
وقال في رواية يعني الولد. الكلبي:
وهو قول السدي.
وقوله: لاتخذناه من لدنا قال المفسرون: من الحور العين.
وهذا إنكار على من أضاف الصاحبة والولد إلى الله، واحتجاج عليهم بأنه لو كان جائزا في صفته لم يتخذه بحيث يظهر لهم، ولستر ذلك حتى لا يطلعوا عليه.
وقال المرأة لهو الدنيا، وكذلك الولد. الزجاج:
والمعنى على ذي اللهو، أي الذي يلهى به، ومعنى اللهو طلب الترويح عن النفس، يقول: لو أردنا أن نتخذ ولدا ذا لهو، أو امرأة ذات لهو، لاتخذناه من لدنا.
وقد أحسن في شرح الآية كل الإحسان، فقال: التفسير أن المرأة والولد في اللهو متقاربان؛ لأن امرأة الرجل لهوه، وولده لهوه، ولذلك يقال: امرأة الرجل وولده ريحانتاه، وأصل اللهو الجماع، كني عنه باللهو كما كني عنه بالسر، ثم قيل للمرأة لهو لأنها تجامع، قال ابن قتيبة امرؤ القيس:
ألا زعمت بسباسة اليوم أنني كبرت وأن لا يحسن اللهو أمثالي
أي النكاح، وتأويل الآية أن النصارى لما قالت في المسيح وأمه ما قالت، قال الله عز وجل: (لو أردنا أن نتخذ )، أي صاحبة وولدا كما يقولون، لاتخذنا ذلك من لدنا، أي: من عندنا ولم نتخذه من عندكم، لأنكم تعلمون أن ولد الرجل [ ص: 233 ] وزوجه يكونون عنده لا عند غيره.وقوله: إن كنا فاعلين المفسرون يقولون: ما كنا فاعلين.
قال الفراء، والمبرد، يجوز أن تكون إن للنفي، كما ذكر المفسرون نحو قوله: والزجاج: إن أنت إلا نذير ، إن الكافرون إلا في غرور ويكون المعنى تحقيقا لكذبهم، أي ما فعلنا ذلك ولم نتخذ صاحبة ولا ولدا، قالوا: ويجوز أن تكون أن للشرط، أي: إن كنا ممن يفعل ذلك لاتخذناه من لدنا، قال الفراء: وهذا أشبه الوجهين بمذهب العربية.
قوله: بل أي: دع ذاك الذي قالوا، فإنه كذب وباطل، نقذف بالحق على الباطل نسلط الحق على باطلهم ونلقيه عليه حتى يذهبه، وعنى بالحق القرآن، وبالباطل كذبهم، فيدمغه فيهلكه ويكسره، وقال الزجاج: يذهبه ذهاب الصغار والإذلال.
وذلك أن أصله إصابة الدماغ بالضرب، وهو مقتل، فإذا هو زاهق زائل ذاهب من قوله: وزهق الباطل والمعنى: أنا نبطل كذبهم بما تبين من الحق حتى يضمحل ويذهب، ثم أوعدهم على كذبهم، فقال: ولكم الويل مما تصفون لكم يا معشر الكفار الويل من كذبكم ووصفكم الله بما لا يجوز.
ثم بين أن جميع المؤمنين عبيده، فقال: وله من في السماوات والأرض عبيدا وملكا، ومن عنده يعني الملائكة، لا يستكبرون عن عبادته قال أي هؤلاء الذين ذكرتم أنهم أولاد الله، عباد الله لا يأنفون من عبادته، ولا يتعظمون عنا، كقوله: الزجاج: إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ، ولا يستحسرون يقال: حسر واستحسر إذا تعب وأعيا.
قال قتادة، لا يعيون. ومقاتل:
وقال السدي: لا ينقطعون عن العبادة.
يسبحون الليل والنهار ينزهون الله دائما بقولهم: سبحان الله.
لا يفترون لا يضعفون ولا يملون، قال مجرى التسبيح منهم كمجرى النفس منا، لا يشغلنا عن النفس شيء، فكذلك تسبيحهم دائم. الزجاج:
أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد بن الحارث، أنا عبد الله بن محمد بن حبان، نا أبو يحيى الرازي، نا نا سهل بن عثمان، عن أبو معاوية، الشيباني، عن حسان بن المخارق، عن عبد الله بن الحارث، قال: قلت لكعب: أرأيت قول الله: يسبحون الليل والنهار لا يفترون أما يشغلهم شأن؟ أما تشغلهم حاجة؟ قال: يا بن أخي، جعل لهم التسبيح كما جعل لكم النفس، ألست تأكل وتشرب، وتقوم وتجلس، وتجيء وتذهب، وتتكلم وأنت تتنفس؟ وكذلك جعل لهم التسبيح.