قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين
قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم أي: بتحريق إبراهيم؛ لأنه يعيبها ويطعن عليها، فإذا أحرقتموه كان ذلك نصر منكم إياها، إن كنتم فاعلين أي: إن كنتم ناصريها، والمعنى: لا تنصروها منه بالتحريق بالنار، قال جمعوا الحطب حتى إن الرجل ليمرض فيوصي بكذا وكذا من ماله، فيشتري به حطبا، فيلقى في النار، وحتى إن المرأة لتغزل، فتشتري به حطبا، فتلقيه في النار، حتى بلغوا من ذلك ما أرادوا، فلما أرادوا أن يلقوا السدي: إبراهيم، ولم يدروا كيف يلقونه، فجاء إبليس فدلهم على المنجنيق.
وهو أول منجنيق صنع، فوضعوه فيه، ثم رموه، فبلغنا أن السماوات والأرض والجبال والملائكة، قالوا: ربنا عبدك إبراهيم يحرق فيك.
فقيل لهم: إن استغاث بكم فأغيثوه.
فقال إبراهيم: حسبي الله ونعم الوكيل.
فنزل جبريل معه، فضرب النار، فقال: قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم فلم يبق [ ص: 244 ] يومئذ نار إلا طفئت، ظنت أنها عنيت، والمعنى: كوني بردا وسلامة، قال لو لم يتبع بردها سلاما لمات إبراهيم من بردها. ابن عباس:
أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حامد العدل، أنا أبو علي بن أحمد السرخسي، أنا أبو لبابة محمد بن المهدي، نا عمارة، نا شجاع بن أبي نصر، عن عبادة بن كثير، عن عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم: " أنس بن مالك، نمروذ الجبار لما ألقى إبراهيم في النار نزل جبريل بقميص من الجنة وطنفسة من الجنة، فألبسه القميص وأقعده على الطنفسة، وقعد معه يحدثه فأوحى الله إلى النار: أن كوني بردا وسلاما على إبراهيم، ولولا أنه قال: وسلاما لأذاه البرد وقتله البرد، فرأى أن أبو إبراهيم بعد سبعة أيام في المنام أن إبراهيم خرج من الحائط الذي أوقد عليه فيه، فطلب فلم يقدر عليه فأتى نمروذ فقال: ائذن لي لأخرج عظام إبراهيم من الحائط فأدفنها فانطلق نمروذ إلى الحائط ومعه الناس فأمر بالحائط فنقب، فإذا إبراهيم في روضة تزهر وثيابه تفدى على طنفسة من طنافس الجنة، عليه قميص من قمص الجنة وقال ما أحرقت النار من كعب الأحبار: إبراهيم غير وثاقه.
فذلك قوله: وأرادوا به كيدا يعني التحريق بالنار، فجعلناهم الأخسرين قال هو أن الله سلط البعوض على نمروذ وخيله حتى أخذت لحومهم وشربت دماءهم، ووقعت واحدة في دماغه حتى أهلكته، والمعنى أنهم كادوه بسوء فانقلب عليهم ذلك. ابن عباس: