الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله: وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين  فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين  

                                                                                                                                                                                                                                      وأيوب إذ نادى ربه دعا ربه، أني مسني الضر أصابني الجهد، وأنت أرحم الراحمين أكثرهم رحمة، وهذا تعريض منه بمسألة الرحمة، إذ أثنى عليه بأنه الأرحم وسكت، وقال رجل لأبي عبد الله الناجي: يا أبا عبد الله، الراضي يسأل ربه.

                                                                                                                                                                                                                                      قال يعرض، قال: مثل أيش، قال: مثل قول أيوب: مسني الضر وأنت أرحم الراحمين وقال العلماء: لم يكن جزعا من أيوب مع ما وصفه الله به من الصبر، إذ يقول: إنا وجدناه صابرا وكان هذا دعاء منه.

                                                                                                                                                                                                                                      ألا ترى أن الله قال: فاستجبنا له على أن الجزع إنما هو في الشكوى إلى الخلق، فأما من اشتكى إلى الله فليس بجازع، وقوله يعقوب عليه السلام: أشكو بثي وحزني إلى الله لا يحمل على الجزع، قال سفيان بن عيينة: وكذلك من شكا إلى الناس، وهو في شكواه راض بقضاء الله، لم يكن ذلك جزعا، ألم تسمع إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه: "أجدني مغموما، وأجدني مكروبا"   .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال عليه السلام: "بل أنا وارأساه" .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر قال ابن عباس: يريد الأوجاع.

                                                                                                                                                                                                                                      وآتيناه أهله ومثلهم معهم قال ابن مسعود، وقتادة، والحسن: أحيا الله له أولاده الذين هلكوا في بلائه، وأوتي مثلهم في الدنيا.

                                                                                                                                                                                                                                      وأخبرنا أبو بكر بن الحارث، أنا عبد الله بن محمد بن جعفر، نا أبو يحيى الرازي، نا سهل بن عثمان، نا أبو مالك، عن جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس: قال: سألت نبي الله، صلى الله عليه وسلم، عن قوله: ووهبنا له أهله ومثلهم معهم ، فقال: يا بن عباس، رد الله امرأته إليه، وزاد في شبابها حتى ولدت له ستة وعشرين ذكرا، وأهبط الله إليه ملكا، فقال: يا أيوب، إن الله يقرئك السلام بصبرك على البلاء، فاخرج إلى أندرك، فبعث الله إليه سحابة حمراء فهبطت عليه بجراد الذهب، والملك قائم معه، فكانت الجراد تذهب فيتبعها حتى يردها في أندره، فقال الملك: يا [ ص: 248 ] أيوب، أما تشبع من الداخل حتى تتبع الخارج، فقال: إن هذه بركة من بركات ربي، ولست أشبع منها  رحمة من عندنا أي: فعلنا ذلك به رحمة من عندنا، وذكرى للعابدين قال ابن عباس: موعظة للمطيعين.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية