الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولا نكلف نفسا إلا وسعها ولدينا كتاب ينطق بالحق وهم لا يظلمون  بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون  حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون  لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون  قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون  مستكبرين به سامرا تهجرون  

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: ولا نكلف نفسا إلا وسعها أي: إلا طاقتها من العمل، فمن لم يستطع أن يصلي قائما فيصلي جالسا، وقد سبق هذا في آخر سورة البقرة، (ولدينا كتاب ) يريد اللوح المحفوظ، وفيه مكتوب كل شيء سبق في علم الله، ينطق بالحق يبين بالصدق، ومعنى الآية: لا نكلف نفسا إلا ما أطاقت من العمل، وتعلم أين تعمل، لأنا قد أثبتنا عمله في اللوح المحفوظ، فهو ينطق به ويبينه، وهم لا يظلمون أي: لا ينقصون من ثواب أعمالهم.

                                                                                                                                                                                                                                      ثم عاد إلى ذكر الكفار، فقال: بل قلوبهم في غمرة في غفلة وجهالة، من هذا القرآن، ولهم أعمال خبيثة، من دون ذلك [ ص: 294 ] أعمال المؤمنين التي ذكرها الله، هم لها عاملون إجماع المفسرين، وأصحاب المعاني على أن هذا إخبار عما سيعملونه من أعمالهم الخبيثة التي كتبت عليهم، لا بد لهم أن يعملوها، حتى إذا أخذنا مترفيهم أغنياءهم ورؤساءهم، بالعذاب بالسيوف يوم بدر، إذا هم يجأرون يصيحون إلى الله، ويصيحون ويقال لهم: لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون لا تمنعون منا، نزلت في الذين قتلوا ببدر، ثم ذكر أن إعراضهم عن القرآن أوجب أخذهم بالعذاب بقوله:قد كانت آياتي تتلى عليكم يعني القرآن، فكنتم على أعقابكم تنكصون تتأخرون عن الإيمان به، مستكبرين الكناية تعود إلى البيت، أو الحرم، أو البلد مكة في قول الجميع، وهو كناية عن غير مذكور، والمعنى: مستكبرين بالبيت والحرم لأمنكم فيه مع خوف سائر الناس في مواطنهم، تقولون: نحن أهل الحرم فلا نخاف.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: سامرا السامر الجماعة يسمرون بالليل، أي يتحدثون، تهجرون يجوز أن يكون من الهجران، وهو قول الحسن، ومقاتل، واختيار المفضل، والمعنى: تهجرون القرآن وترفضونه فلا تلتفتون إليه ولا تنقادون له، كما قال: ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون ويجوز أن يكون من الهجر، وهو قول القبيح، يقال: هجر يهجر هجرا إذا قال غير الحق.

                                                                                                                                                                                                                                      وهو قول السدي، والكلبي، ومجاهد، وقتادة.

                                                                                                                                                                                                                                      وكانوا إذا خلوا حول البيت، سبوا النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن، وقالوا فيهما السوء، ويقال في هذا المعنى أيضا: أهجر إهجارا إذا أفحش في منطقه، وهو قراءة ابن عباس، ومجاهد.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية