الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قال الله تعالى: أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين  أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون  أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون  ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون  أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين  وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم  وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون  ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون  

                                                                                                                                                                                                                                      أفلم يدبروا القول أفلم يتدبروا القرآن فيعرفوا ما فيه من العبر والدلالات على صدق محمد صلى الله عليه وسلم، أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين قال ابن عباس: يريد أليس قد أرسلنا نوحا وإبراهيم والنبيين إلى قومهم، فكذلك بعثنا محمدا إلى قومه.

                                                                                                                                                                                                                                      أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون قال ابن عباس: أليس هو محمد بن عبد الله، يعرفونه صغيرا وكبيرا، صادق اللسان، يفي بالعهد؟ وفي هذا توبيخ لهم بالإعراض عنه بعدما عرفوا صدقه وأمانته.

                                                                                                                                                                                                                                      أم يقولون به جنة قال ابن عباس: يريدون به جنون ترونه به.

                                                                                                                                                                                                                                      بل جاءهم بالحق بالتنزيل الذي هو الحق، يعني القرآن.

                                                                                                                                                                                                                                      وأكثرهم للحق كارهون ولو اتبع الحق [ ص: 295 ] أهواءهم قال أبو صالح، وابن جريج، ومقاتل، والسدي: الحق هو الله.

                                                                                                                                                                                                                                      والمعنى: لو جعل مع نفسه كما يحبون شريكا لفسدت السماوات والأرض أي: ومن فيهن، وقال الزجاج، والفراء: ويجوز أن يكون المراد بالحق القرآن.

                                                                                                                                                                                                                                      أي: لو نزل بما تحبون من جعل شريك، وإثبات آلهة لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن كقوله: لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا .

                                                                                                                                                                                                                                      بل أتيناهم بذكرهم أي: بما فيه فخرهم وشرفهم، قال ابن عباس: هو كقوله: لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم .

                                                                                                                                                                                                                                      فهم عن ذكرهم معرضون قال: يريد تولوا عما جاء به من شرف الدنيا والآخرة.

                                                                                                                                                                                                                                      أم تسألهم على ما جئتهم به من الإيمان والقرآن، خرجا أجرا ومالا يعطونك، فخراج ربك خير فما يعطيك الله من أجره وثوابه ورزقه خير لك، وهو خير الرازقين أفضل من أعطى وآجر.

                                                                                                                                                                                                                                      وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم وهو دين الإسلام.

                                                                                                                                                                                                                                      وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة بالبعث والثواب والعقاب، عن الصراط لناكبون عن الدين مائلون عادلون، يقال: نكب فلان عن الطريق تنكب نكوبا إذا عدل عنه.

                                                                                                                                                                                                                                      ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر يعني: الجوع الذي أصابهم بمكة سبع سنين، للجوا في طغيانهم يعمهون لتمادوا في ضلالتهم يترددون.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية