ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا فقلنا اذهبا إلى القوم الذين كذبوا بآياتنا فدمرناهم تدميرا وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم وجعلناهم للناس آية وأعتدنا للظالمين عذابا أليما وعادا وثمود وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا وكلا ضربنا له الأمثال وكلا تبرنا تتبيرا ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء أفلم يكونوا يرونها بل كانوا لا يرجون نشورا
قوله: ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا قال مقاتل، معينا على الرسالة. والكلبي:
فقلنا اذهبا إلى القوم الذين كذبوا بآياتنا يعني: فرعون وقومه، وذلك أنهم كانوا مكذبين أنبياء الله وكتبه، فدمرناهم تدميرا أهلكناهم بالعذاب إهلاكا.
وقوم نوح لما كذبوا الرسل قال من كذب نبيا فقد كذب جميع الأنبياء. الزجاج:
أغرقناهم بالطوفان، وجعلناهم للناس من بعدهم، آية عبرة ودلالة على قدرتنا، قال وهذا تعزية للنبي صلى الله عليه وسلم، وتخويف للمشركين. ابن عباس:
وأعتدنا للظالمين عذابا أليما سوى ما حل بهم في الدنيا.
وقوله: وعادا وثمود تقدم تفسيره، وأصحاب الرس قال هو بئر السدي: بأنطاكية، قتلوا فيها حبيبا النجار، فنسبوا إليها.
وهذا قول في رواية ابن عباس قال: سألته عن أصحاب الرس. عكرمة،
فقال: هم الذين قتلوا صاحب ياسين الذي قال: يا قوم اتبعوا المرسلين ورسوه [ ص: 341 ] في بئر لهم يقال له الرس، أي دسوه فيها.
وقال حدثنا أن أصحاب الرس كانوا أهل فلج باليمامة، وآبار كانوا عليها. قتادة:
وقال وهب: كانوا أهل بئر نزولا عليها، وأصحاب مواشي، فكذبوا شعيبا، فانهارت البئر بهم وبمنازلهم، فهلكوا جميعا.
وقوله: وقرونا بين ذلك كثيرا أي: وأهلكنا قرونا بين عاد إلى أصحاب الرس.
وكلا ضربنا له الأمثال قال وكلا بينا لهم أن العذاب نازل بهم إن لم يؤمنوا. مقاتل:
وكلا تبرنا تتبيرا أهلكنا بالعذاب إهلاكا، قال الزجاج: وكل شيء كسرته وفتته فقد تبرته.
ولقد أتوا يعني: كفار مكة، على القرية يعني: قرية لوط، التي أمطرت مطر السوء يعني: الحجارة، أفلم يكونوا يرونها في أسفارهم إذا مروا بها فيخافوا ويعتبروا، ثم أخبر أن الذي جرأهم على التكذيب أنهم لا يصدقون بالبعث، فقال: بل كانوا لا يرجون نشورا لا يخافون بعثا ولا يصدقون به.