وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما إنها ساءت مستقرا ومقاما والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما
قوله: وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا الهون: مصدر الهين في السكينة والوقار، يقال: هو يمشي هونا.
قال الحسن، وعطاء، والضحاك، حلماء متواضعين يمشون في اقتصاد. ومقاتل:
وقال تواضعا لله لعظمته. قتادة:
وإذا خاطبهم الجاهلون يعني السفهاء، قالوا سلاما قال لا يجهلون مع من يجهل. ابن عباس:
وقال يقول: إن جهل عليهم جاهل حلموا ولم يجهلوا. الحسن:
وقال قتادة: كانوا لا يتجاهلون أهل الجهل.
وقال قالوا سلاما. مقاتل بن حيان:
أي: قولا يسلمون فيه من الإثم.
قال هذا صفة نهارهم إذا انتشروا في الناس، وليلهم خير ليل إذا خلوا فيما بينهم وبين ربهم، يراوحون بين أطرافهم. الحسن:
وهو قوله: والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما قال الزجاج: كل من أدركه الليل فقد بات، يبيت نام أو لم ينم، يقال: بات فلان قلقا، والمعنى: يبيتون لربهم بالليل في الصلاة سجدا وقياما.
وذكر عن الكلبي، قال: ابن عباس، من صلى ركعتين أو أكثر بعد العشاء فقد بات لله ساجدا وقائما.
والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما الغرام: العذاب اللازم أو الشر اللازم.
قال إن عذابها لازم كلزوم الغريم للغريم. مقاتل:
وقال الغرام أشد العذاب. الزجاج:
إنها ساءت مستقرا ومقاما إن جهنم بئس موضع قرار [ ص: 346 ] وإقامة هي.
والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا يقال: قتر الرجل على عياله يقتر، وقتر قترا، وأقتر إقتارا، إذا ضيق ولم ينفق إلا قدر ما يمسك الرمق.
قال وهي ثلاث لغات معناها لم يضيقوا في الإنفاق. أبو عبيدة:
وكان بين ذلك قواما أي: كان إنفاقهم بين الإسراف والإقتار لا إسرافا يدخل في حد التبذير، ولا تطبيقا يصير به في حد المانع لما يجب، وهذا هو المحمود من النفقة.
وعد عمر رضي الله عنه من الإسراف أن لا يشتهي الرجل شيئا إلا أكله، وقال: كفى بالمرء سرفا أن يأكل كلما يشتهي.
وقال الإسراف النفقة في معصية الله، والإقتار الإمساك عن حق الله، والقوام من العيش ما أقامك وأغناك. قتادة: