الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين  وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين  ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين  فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم  فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود  إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم ألا تعبدوا إلا الله قالوا لو شاء ربنا لأنزل ملائكة فإنا بما أرسلتم به كافرون  فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون  

قل أئنكم لتكفرون بالتوحيد ، و بالذي خلق الأرض في يومين ، يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء ، ثم قال : وتجعلون له أندادا ، يعني شركا ، ذلك الذي خلق الأرض في يومين هو رب العالمين ، يعني الناس أجمعين.

ثم قال : وجعل فيها رواسي من فوقها ، يعني جعل الجبل من فوق الأرض أوتادا للأرض؛ لئلا تزول بمن عليها ، وبارك فيها ، يعني في الأرض ، والبركة الزرع والثمار والنبت وغيره ، ثم قال : وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام ، يقول : وقسم في الأرض أرزاق العباد والبهائم ، سواء للسائلين ، يعني عدلا لمن يسأل الرزق من السائلين.

[ ص: 162 ] ثم استوى إلى السماء وهي دخان ، قبل ذلك ، فقال لها وللأرض ائتيا طوعا عبادتي ومعرفتي ، يعني أعطيا الطاعة طيعا ، أو كرها ، وذلك أن الله تعالى حين خلقهما عرض عليهما الطاعة بالشهوات واللذات ، على الثواب والعقاب ، فأبين أن يحملنها من المخافة ، فقال لها الرب : ائتيا المعرفية لربكما والذكر له ، على غير ثواب ولا عقاب ، طوعا أو كرها ، قالتا أتينا طائعين ، يعني أعطيناه طائعين.

فقضاهن سبع سماوات ، يقول : فخلق السماوات السبع ، في يومين ، الأحد والاثنين ، وأوحي ، يقول : وأمر في كل سماء أمرها الذي أراده ، قال : وزينا السماء الدنيا ، يقول : لأنها أدنى السماوات من الأرض ، بمصابيح ، يعني الكواكب ، وحفظا بالكواكب ، يعني ما يرمي الشياطين بالشهاب؛ لئلا يستمعوا إلى السماء ، يقول : ذلك الذي ذكر من صنعه في هذه الآية ، تقدير العزيز في ملكه ، العليم بخلقه.

فإن أعرضوا عن الإيمان ، يعني التوحيد ، فقل أنذرتكم صاعقة في الدنيا ، مثل صاعقة عاد وثمود ، يقول : مثل عذاب عاد وثمود ، وإنما خص عادا وثمود من بين الأمم؛ لأن كفار مكة قد عاينوا هلاكهم باليمن والحجر .

قال مقاتل : كل من يموت من عذاب ، أو سقم ، أو قتل ، فهو مصعوق.

ثم قال : إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم ، يعني من قبلهم ومن بعدهم ، فقالوا لقومهم : ألا تعبدوا إلا الله ، يقول : وحدوا الله ، قالوا للرسل : لو شاء ربنا لأنزل ملائكة ، فكانوا إلينا رسلا ، فإنا بما أرسلتم به ، يعني بالتوحيد ، كافرون لا نؤمن به.

فأما عاد فاستكبروا ، يعني فتكبروا عن الإيمان وعملوا في الأرض بغير الحق ، فخوفهم هود العذاب ، وقالوا من أشد منا قوة ، يعني بطشا ، قال : كان الرجل منهم ينزع الصخرة من الجبل لشدته ، وكان طوله اثنا عشر ذراعا ، ويقال : ثمانية عشر ذراعا ، وكانوا باليمن في حضرموت ، أولم يروا ، يقول : أولم يعلموا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة ، يعني بطشا ، وكانوا بآياتنا ، يعني بالعذاب ، يجحدون أنه لا ينزل بهم ، فأرسل الله عليهم الريح فأهلكتهم.

التالي السابق


الخدمات العلمية