فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون
[ ص: 163 ] فذلك قوله تعالى : فأرسلنا ، فأرسل الله عليهم ريحا صرصرا ، يعني باردة ، في أيام نحسات ، يعني شدادا ، وكانت ريح الدبور فأهلكتهم ، فذلك قوله : لنذيقهم ، يعني لكي نعذبهم ، عذاب الخزي ، يعني الهوان ، في الحياة الدنيا ، فهو الريح ، ولعذاب الآخرة أخزى ، يعني أشد وأكثر إهانة من الريح التي أهلكتهم في الدنيا ، وهم لا ينصرون ، يعني لا يسمعون من العذاب.
قال عبد الله : سمعت أبا العباس أحمد بن يحيى يقول : الصرصر : الريح الباردة التي لها صوت.
ثم ذكر ثمود ، فقال : وأما ثمود فهديناهم ، يعني بينا لهم ، فاستحبوا العمى على الهدى ، يقول : اختاروا الكفر على الإيمان ، فأخذتهم صاعقة ، يعني صيحة جبريل ، عليه السلام ، العذاب الهون بما كانوا يكسبون ، يعني يعملون من الشرك.
ثم قال : ونجينا الذين آمنوا ، يعني صدقوا بالتوحيد من العذاب الذي نزل بكفارهم ، وكانوا يتقون الشرك.
قوله : ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون ، نزلت في ، وفي صفوان بن أمية الجمحي ربيعة ، وعبد ياليل ابني عمرو الثقفيين ، إلى خمس آيات ، ويقال : إن الثلاثة نفر : ، صفوان بن أمية وفرقد بن ثمامة ، وأبو فاطمة ، فهم يوزعون ، يعني يساقون إلى النار ، تسوقهم خزنة جهنم.
حتى إذا ما جاءوها ، يعني النار وعاينوها ، قيل لهم : أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون في الدنيا ؟ قالوا عند ذلك : والله ربنا ما كنا مشركين ، فختم الله على أفواههم ، وأوحى إلى الجوارح فنطقت بما كتمت الألسن من الشرك ، فذلك قوله : شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم وأيديهم ، وأرجلهم ، بما كانوا يعملون من الشرك.
[ ص: 164 ]