نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون فإن استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسأمون
وتقول الحفظة يومئذ للمؤمنين : نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا ، ونحن أولياؤكم [ ص: 167 ] اليوم وفي الآخرة ولكم فيها ، يعني في الجنة ، ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون ، يعني مما تتمنون.
هذا الذي أعطاكم الله كان نزلا من غفور رحيم . قوله : ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله ، يعني التوحيد ، وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين ، يعني المخلصين ، يعني النبي صلى الله عليه وسلم .
قوله : ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن ، وذلك أن أبا جهل كان يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان النبي مبغضا له ، يكره رؤيته ، فأمر بالعفو والصفح ، يقول : إذا فعلت ذلك ، فإذا الذي بينك وبينه عداوة ، يعني أبا جهل ، كأنه ولي لك في الدين ، حميم لك في النسب ، الشفيق عليك.
ثم أخبر نبيه ، عليه السلام : وما يلقاها ، يعني لا يؤتاها ، يعني الأعمال الصالحة : العفو والصفح ، إلا الذين صبروا على كظم الغيظ ، وما يلقاها ، يعني لا يؤتاها ، إلا ذو حظ عظيم نصيبا وافرا في الجنة ، فأمره الله بالصبر ، والاستعاذة من الشيطان في أمر أبي جهل.
وإما ينزغنك ، يعني يفتننك في أمر أبي جهل والرد عنه ، من الشيطان نزغ ، يعني فتنة ، فاستعذ بالله إنه هو السميع بالاستعاذة ، العليم بها ، نظيرها في حم المؤمن : إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه ، وفي الأعراف أمر أبي جهل.
ومن آياته أن يعرف التوحيد بصنعه ، وإن لم تروه ، الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن ، يعني الذي خلق هؤلاء الآيات ، إن كنتم إياه تعبدون ، فسجد النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون يومئذ ، فقال كفار مكة عند ذلك : بل نسجد للات ، والعزى ، ومناة.
يقول الله تعالى : فإن استكبروا عن السجود لله ، فالذين عند ربك من الملائكة ، يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسأمون ، يعني لا يملون من الذكر له والعبادة ، وليست لهم فترة ولا سآمة.