الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحي الموتى إنه على كل شيء قدير  إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير  إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز  لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد  ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم  

[ ص: 168 ] ومن آياته أن يعرف التوحيد بصنعه ، وإن لم تروه ، أنك ترى الأرض خاشعة متهشمة غبراء لا نبت فيها ، فإذا أنزلنا عليها الماء ، يعني على الأرض المطر ، فصارت حية ، فأنبتت ، و اهتزت بالخضرة ، وربت ، يقول : وأضعفت النبات ، ثم قال : إن الذي أحياها بعد موتها ، لمحي الموتى في الآخرة ، ليعتبر من يشك في البعث ، إنه على كل شيء قدير ، من البعث وغيره.

قوله : إن الذين يلحدون في آياتنا ، يعني أبا جهل ، يميل عن الإيمان بالقرآن ، بالأشعار والباطل ، لا يخفون علينا ، يعني أبا جهل ، وأخبر الله تعالى بمستقره في الآخرة ، فقال : أفمن يلقى في النار خير ، يعني أبا جهل ، خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة ، يعني النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قال لكفار مكة : اعملوا ما شئتم ، هذا وعيد ، إنه بما تعملون بصير ، من الشرك وغيره.

إن الذين كفروا ، يعني أبا جهل ، بالذكر لما جاءهم ، يعني به القرآن حين جاءهم ، وهو أبو جهل وكفار مكة ، وإنه لكتاب عزيز ، يقول : وإنه لقرآن منيع من الباطل ، فلا يستذل؛ لأنه كلام الله.

لا يأتيه الباطل من بين يديه ، يقول : لا يأتي القرآن بالتكذيب ، بل يصدق هذا القرآن الكتب التي كانت قبله : التوراة ، والإنجيل ، والزبور ، ثم قال : ولا يأتيه الباطل من خلفه ، يقول : لا يجيئه من بعده كتاب يبطله فيكذبه ، بل هو تنزيل ، يعني وحي ، من حكيم في أمره ، حميد عند خلقه.

ثم قال : ما يقال لك يا محمد من التكذيب بالقرآن أنه ليس بنازل عليك ، إلا ما قد قيل للرسل من قبلك من قومهم من التكذيب لهم أنه ليس العذاب بنازل بهم ، يعزي نبيه صلى الله عليه وسلم ليصبر على الأذى والتكذيب ، إن ربك لذو مغفرة ، يقول : ذو تجاوز في تأخير العذاب عنهم إلى الوقت ، حين سألوا العذاب في الدنيا ، وإذا جاء الوقت ، [ ص: 169 ] وذو عقاب ، فهو ذو عقاب أليم ، يعني وجيع ، كقوله : إن تكونوا تألمون ، إن كنتم تتوجعون.

التالي السابق


الخدمات العلمية