وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم ولا يصدنكم الشيطان إنه لكم عدو مبين ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه فاتقوا الله وأطيعون إن الله هو ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة وهم لا يشعرون الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ثم رجع في التقديم إلى عيسى ، فقال : وإنه لعلم للساعة ، يقول : نزوله من السماء علامة للساعة ، ينزل على ثنية أفيق ، وهو جبل ببيت المقدس ، يقال له : أفيق ، عليه [ ص: 195 ] ممصرتان ، دهين الرأس ، معه حربة ، يقتل بها الدجال ، يقول : نزول عيسى من السماء علامة للساعة ، فلا تمترن بها ، يقول : لا تشكوا في الساعة ، ولا في القيامة أنها كائنة ، قوله : واتبعون هذا صراط مستقيم . ثم قال : ولا يصدنكم الشيطان عن الهدى ، إنه لكم عدو مبين ، يعني بين.
ولما جاء عيسى ، يعني بني إسرائيل ، بالبينات ، يعني الإنجيل ، قال لهم : قد جئتكم بالحكمة ، يعني الإنجيل ، فيه بيان الحلال والحرام ، ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه ، من الحلال والحرام ، فبين لهم ما كان حرم عليهم من الشحوم ، واللحوم ، وكل ذي ظفر ، فأخبرهم أنه لهم حلال في الإنجيل ، غير أنهم يقيمون على السبت ، فاتقوا الله ولا تعبدوا غيره ، وأطيعون فيما آمركم به من النصيحة ، فإنه ليس له شريك.
إن الله هو ربي وربكم فاعبدوه ، يعني وحدوه ، هذا ، يعني هذا التوحيد ، صراط ، يعني دين ، مستقيم . فاختلف الأحزاب من بينهم ، في الدين ، والأحزاب هم: النسطورية ، والماريعقوبية ، والملكانية ، تحازبوا من بينهم في عيسى ، عليه السلام ، فقالت النسطورية : عيسى ابن الله ، وقالت الماريعقوبية : إن الله هو المسيح ابن مريم ، وقالت الملكانية : إن الله ثالث ثلاثة ، فويل للذين ظلموا ، يعني النصارى الذين قالوا في عيسى ما قالوا ، من عذاب يوم أليم ، يعني يوم القيامة ، وإنما سماه أليما لشدته.
ثم رجع إلى كفار قريش ، فقال : هل ينظرون إلا الساعة ، يعني يوم القيامة ، أن تأتيهم بغتة ، فجأة ، وهم لا يشعرون بجيئتها.
ثم قال : الأخلاء في الدنيا ، يومئذ في الآخرة ، بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ، يعني الموحدين ، نزلت في أمية بن خلف الجمحي ، وعقبة بن أبي معيط ، قتلا جميعا ، وذلك أن عقبة كان يجالس النبي صلى الله عليه وسلم ويستمع إلى حديثه ، فقالت قريش : قد صبأ عقبة وفارقنا ، فقال له أمية بن خلف : وجهي من وجهك حرام إن لقيت محمدا فلم تتفل في وجهه ، حتى يعلم قومك أنك غير مفارقهم ، ففعل عقبة ذلك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "أما أنا لله علي لئن أخذتك خارجا من الحرم لأهريقن دمك" ، فقال له : يا [ ص: 196 ] ابن أبي كبشة ، ومن أين تقدر علي خارجا ، فتكون لك مني السوء ، فلما كان يوم بدر أسر ، فلما عاينه النبي صلى الله عليه وسلم ذكر نذره ، فأمر ، رضي الله عنه ، فضرب عنقه ، فقال علي بن أبي طالب عقبة ، يا معشر قريش ، ما بالي أقتل من بينكم ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "بتكذيبك الله ورسوله" ، فقال : من لأولادي ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "لهم النار".