الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأنه هو أضحك وأبكى  وأنه هو أمات وأحيا  وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى  من نطفة إذا تمنى  وأن عليه النشأة الأخرى  وأنه هو أغنى وأقنى  وأنه هو رب الشعرى  وأنه أهلك عادا الأولى  وثمود فما أبقى  وقوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى  والمؤتفكة أهوى  فغشاها ما غشى

ثم أخبره عن صنعه، فقال: وأنه هو أضحك وأبكى يقول: أضحك واحدا وأبكى آخر، وأيضا أضحك أهل الجنة، وأبكى أهل النار وأنه هو أمات الأحياء وأحيا الموتى وأنه خلق الزوجين الرجل والمرأة كل واحد منهما زوج الآخر الذكر والأنثى خلقهما.

من نطفة إذا تمنى يعني إذا تدفق المني وأن عليه النشأة الأخرى يعني الخلق الآخر يعني البعث في الآخرة بعد الموت وأنه هو أغنى وأقنى يقول: مول وأرضى هذا الإنسان بما أعطى.

ثم قال: وأنه هو رب الشعرى قال مقاتل: الشعرى اليمانية النيرة الجنوبية كوكب مضيء، وهي التي تتبع الجوزاء، ويقال: لها المزن والعبور، كان أناس من الأعراب من خزاعة، وغسان، وغطفان، يعبدونها، وهي الكوكب الذي يطلع بعد الجوزاء، قال الله تعالى أنا ربها فاعبدوني وأنه أهلك عادا الأولى بالعذاب، وذلك أن أهل عاد وثمود، وأهل السواد، وأهل الموصل، وأهل العال كلها من ولد إرم بن سام بن نوح ، عليه السلام، فمن ثم قال: أهلك عادا الأولى يعني قوم هود بالعذاب.

وأهلك وثمود بالعذاب فما أبقى منهم أحدا وأهلك وقوم نوح بالغرق من قبل هلاك عاد وثمود إنهم كانوا هم أظلم وأطغى من عاد وثمود، وذلك أن نوحا دعا قومه ألف سنة إلا خمسين عاما فلم [ ص: 295 ] يجيبوه، حتى إن الرجل منهم كان يأخذ بيد ابنه فينطلق به إلى نوح، عليه السلام، فيقول له: احذر هذا، فإنه كذاب فإن أبي قد مشى بي إلى هذا وأنا مثلك، فحذرني منه، فاحذره، فيموت الكبير على الكفر، وينشؤ الصغير على وصية أبيه، فنشأ قرن بعد قرن على الكفر، هم كانوا أظلم وأطغى، فبقي من نسلهم، بعد عاد أهل السواد، وأهل الجزيرة، وأهل العال، فمن ثم قال: عادا الأولى .

ثم قال: وأهلك والمؤتفكة يعني الكذبة أهوى يعني قرى قوم لوط ، وذلك أن جبريل ، عليه السلام، أدخل جناحه فرفعها إلى السماء حتى سمعت ملائكة سماء الدنيا أصوات الديكة، ونباح الكلاب، ثم قلبها فهوت من السماء إلى الأرض مقلوبة، قال: فغشاها ما غشى يعني الحجارة التي غشاها من كان خارجا من القرية، أو كان في زرعه، أو في ضرعه.

التالي السابق


الخدمات العلمية