سورة الممتحنة
سورة الامتحان مدنية عددها ثلاث عشرة آية كوفية
بسم الله الرحمن الرحيم
يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل
يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الناس بالجهاد وعسكر، وكتب إلى أهل حاطب بن أبي بلتعة مكة ، إن محمدا قد عسكر، وما أراه إلا يريدكم فخذوا حذركم وأرسل بالكتاب مع سارة مولاة أبي عمرو بن صيفي بن هاشم وكانت قد جاءت من مكة إلى المدينة فأعطاها عشرة دنانير على أن تبلغ كتابه أهل حاطب بن أبي بلتعة مكة وجاء جبريل ، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأمر الكتاب، وأمر فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطب ، عليه السلام، علي بن أبي طالب ، وقال لهما: إن أعطتكما الكتاب غفوا خليا سبيلها، وإن أبت فاضربا عنقها، فسارا حتى أدركا والزبير بن العوام بالجحفة وسألاها عن الكتاب فحلفت، ما معها كتاب، وقالت: لأنا إلى خيركم أفقر مني إلى ذلك، فاتبحثاها، فلم يجدا معها شيئا، فقال الزبير ، رضي الله عنهما ارجع بنا، فإنا لا نرى معها شيئا. لعلي بن أبي طالب
فقال علي: والله لأضربن عنقها، والله ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا كذبنا، فقال الزبير : صدقت اضرب عنقها، فسل علي سيفه، فلما عرفت الجد منهما أخذت عليهما المواثيق، لئن أعطيتكما الكتاب لا تقتلاني، ولا تسبياني، ولا ترداني إلى محمد صلى الله عليه وسلم ، ولتخليان سبيلي فأعطياها المواثيق، فاستخرجت الصحيفة من ذؤابتها ودفعتها فخليا سبيلها وأقبلا بالصحيفة فوضعاها في يدي رسول الله فقرأها، فأرسل إلى ، فقال له: أتعرف هذا الكتاب ؟ قال: نعم، قال: فما حملك على أن تنذر بنا عدونا ؟ . حاطب بن أبي بلتعة
[ ص: 348 ] قال : اعف عني عفا الله عنك، فوالذي أنزل عليك الكتاب ما كفرت منذ أسلمت ولا كذبتك منذ صدقتك، ولا أبغضتك منذ أحببتك، ولا واليتهم منذ هاديتهم، وقد علمت أن كتابي لا ينفعهم ولا يضرك فاعذرني، جعلني الله فداك فإنه ليس من أصحابك أحد إلا وله حاطب بمكة من يمنع ماله وعشيرته غيري وكنت حليفا وليس من أنفس القوم، وكان حلفائي قد هاجروا كلهم، وكنت كثير المال والضيعة بمكة فخفت المشركين على مالي فكتبت إليهم لأتوسل بها وأتخذها عندهم مودة لأدفع عن مالي، وقد علمت أن الله منزل بهم خزيه ونقمته وليس كتابي يغني عنهم شيئا، فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد صدق فيما قال، فأنزل الله تعالى عظة للمؤمنين أن يعودوا لمثل صنيع ، فقال تعالى: حاطب بن أبي بلتعة يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء .
تلقون إليهم بالمودة يعني الصحيفة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يعني القرآن يخرجون الرسول من مكة وإياكم قد أخرجوا من دياركم يعني من مكة أن تؤمنوا يعني بأن آمنتم بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي فلا تلقوا إليهم بالمودة تسرون إليهم بالمودة يعني بالصحيفة فيها النصيحة وأنا أعلم بما أخفيتم يعني بما أسررتم في أنفسكم من المودة والولاية وما أعلنتم لهم من الولاية ومن يفعله منكم يعني ومن يسر بالمودة إلى الكفار فقد ضل سواء السبيل يقول فقد أخطأ قصد طريق الهدى، وفي نزلت هذه الآية: حاطب لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله إلى آخر الآية.
حدثنا عبد الله ، قال: حدثني أبي قال: حدثنا الهذيل عن المسيب ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ، قال: أقبلت ابن عباس سارة مولاة أبي عمرو بن صيفي بن هاشم بن عبد مناف من مكة إلى المدينة المنورة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتجهز لفتح مكة فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: مالك، يا سارة ؟ أمسلمة جئت ؟ قالت: لا، قال: أفمهاجرة جئت ؟ قالت: لا، قال: فما حاجتك ؟ قالت: كنتم الأصل والمواللا والعشيرة وقد ذهب موالي، وقد احتجت حاجة شديدة فقدمت عليكم لتكسوني وتنفقوا علي وتحملوني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " فأين أنت من شباب أهل مكة "، وكانت امرأة مغنية نائحة، فقالت: يا محمد، ما طلب أحد منهم شيئا منذ كانت وقعة بدر، قال فحث عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم بني عبد المطلب وبني هاشم فكسوها وأعطوها نفقة وحملوها، فلما أرادت الخروج إلى مكة أتاها [ ص: 349 ] من أهل حاطب بن أبي بلتعة اليمن حليف فجعل لها جعلا على أن تبلغ كتابه إلى آخر الحديث. للزبير بن العوام