الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين  ولا يستثنون فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون  فأصبحت كالصريم فتنادوا مصبحين أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين فانطلقوا وهم يتخافتون أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين  وغدوا على حرد قادرين فلما رأوها قالوا إنا لضالون بل نحن محرومون

[ ص: 388 ] ثم رجع في التقديم، فقال: إنا بلوناهم يقول: إنا ابتليناهم يعني أهل مكة بالجوع كما بلونا يقول: كما ابتلينا أصحاب الجنة بالجوع حين هلكت جنتهم، كان فيها نخل وزرع وأعناب، ورثوها عن آبائهم، واسم الجنة الصريم، وهذا مثل ضربه الله تعالى لأهل مكة ليعتبروا عن دينهم، وكانت جنتهم دون صنعاء اليمن بفرسخين، وكانوا مسلمين، وهذا بعد عيسى ابن مريم، عليه السلام، وكان آباؤهم صالحين، يجعلون للمساكين من الثمار والزرع والنخل ما أخطأ الرجل، فلم يره حين يصرمه، وما أخطأ المنجل، وما ذرته الريح، وما بقي في الأرض من الطعام حين يرفع، وكان هذا شيئا كثيرا، فقال القوم: كثرت العيال، وهذا طعام كثير، اغدوا سرا جنتكم فاصرموها، ولا تؤذنوا المساكين، كان آباؤهم يخبرون المساكين فيجتمعون عند صرام جنتهم، وعند الحصاد.

إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين ليصرمنها إذا أصبحوا ولا يستثنون فيقولون: إن شاء الله، فسمع الله تعالى قولهم فبعث نارا من السماء في الليل على جنتهم فأحرقتها حتى صارت سوداء، فذلك قوله: فطاف عليها يعني على الجنة طائف يعني عذاب من ربك يا محمد ليلا وهم نائمون فأصبحت كالصريم أصبحت يعني الجنة سوداء مثل الليل فتنادوا مصبحين يقول: لما أصبحوا قال بعضهم لبعض: أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين الجنة، يقول: الحرث والثمار والزرع، ولا يعلمون أنها احترقت فانطلقوا وهم يتخافتون أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين وغدوا على حرد قادرين على حدة في أنفسهم قادرين على جنتهم فلما رأوها ليس فيها شيء ظنوا أنهم أخطأوا الطريق قالوا إنا لضالون عنها. ثم إنهم عرفوا الأعلام فعلموا أنها عقوبة. فقالوا: بل نحن يعني ولكن نحن محرومون يقول: حرمنا خير هذه الجنة.

التالي السابق


الخدمات العلمية