يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة قلوب يومئذ واجفة أبصارها خاشعة يقولون أإنا لمردودون في الحافرة أإذا كنا عظاما نخرة قالوا تلك إذا كرة خاسرة فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة
وأما قوله تعالى: يوم ترجف الراجفة وهي وإنما سميت الراجفة لأنها تميت الخلق كلهم، كقوله: النفخة الأولى فأخذتهم الرجفة يعني الموت، من فوق سبع سموات من عند العرش فيموت الخلق كلهم.
تتبعها الرادفة وهي أردفت النفخة الأولى بينهما أربعون سنة، أسمعت الخلائق وهي عند صخرة النفخة الثانية بيت المقدس، وذلك أنه ينزل إسرافيل وترتفع أرواح الكفار من تحت الأرض السفلى إلى واد يقال له: برهوت، وهو بحضرموت، وهو كأشر واد في الأرض، وتنزل أرواح المؤمنين من فوق سبع سموات إلى واد يقال له: الجابية، وهو بالشام، وهو خير واد في الأرض فيأخذ هؤلاء وهؤلاء جميعها إسرافيل فيجعلهم في القرن وهو الصور فينفخ فيه، فيقول أيتها العظام البالية، وأيتها العروق المنقطعة، وأيتها اللحوم المتمزقة، اخرجوا من قبوركم لتجازوا بأعمالكم، ثم قال: قلوب يومئذ واجفة يعني خائفة أبصارها خاشعة يعني ذليلة مما رأت عند معاينة النار، فخضعت كقوله: خاشعين من الذل مما ترى من العجائب ومما ترى من أمر الآخرة.
ثم أخبر الله عز وجل عن كفار مكة فقال: يقولون أإنا لمردودون في الحافرة تعجبا منها، فيما تقديم، يقولون إنا لراجعون على أقدامنا إلى الحياة بعد الموت، هذا قول كفار مكة، أإذا كنا عظاما نخرة يعني بالية، أي: أنا لا نبعث خلقا كما كنا قالوا تلك إذا كرة خاسرة قالوا إن بعثنا بعد الموت إنا إذا لخاسرون يعني هالكون، ثم قال الله تبارك وتعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم : فإنما هي زجرة واحدة يقول: فإنما هي صيحة واحدة من إسرافيل، عليه السلام، فيسمعونها وهم في بطن الأرض أمواتا ولا يثنيها فإذا هم بالساهرة يعني الأرض الجديدة [ ص: 447 ] التي تبسط على هذه الأرض فيسلها الله عز وجل من تحتها كما يسل الثوب الخلق البالي، فذلك قوله: فإذا هم بالساهرة يقول بالأرض الأخرى واسمها الساهرة.