هل أتاك حديث موسى إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى اذهب إلى فرعون إنه طغى فقل هل لك إلى أن تزكى وأهديك إلى ربك فتخشى فأراه الآية الكبرى فكذب وعصى ثم أدبر يسعى فحشر فنادى فقال أنا ربكم الأعلى فأخذه الله نكال الآخرة والأولى إن في ذلك لعبرة لمن يخشى
قوله: هل أتاك حديث موسى قبل هذا إذ ناداه ربه بالواد المقدس يقول: بالوادي المطهر اسمه طوى لأن الله عز وجل طوى عليه القدس، وكان نداؤه إياه أنه قال: يا موسى ، فناداه من الشجرة، وهي الشمران، فقال: يا موسى ، إني أنا ربك، يا موسى ، اذهب إلى فرعون إنه طغى يقول: إنه قد بلغ من طغيانه أنه عبد، وفي قراءة " طغى " لأنه لم يعبد صنما قط ولكنه دعا الناس إلى عبادته، فذلك قوله: ابن مسعود إنه طغى فقل هل لك إلى أن تزكى يقول: هل لك أن تصلح ما قد أفسدت، يقول: وأدعوك لتوحيد الله وأهديك إلى ربك إلى عظمته فتخشى يخبر الله عز وجل محمدا صلى الله عليه وسلم بخبره، قال له فرعون: ما هي ؟ قال: فأراه الآية الكبرى وهي اليد والعصا أخرج يده بيضاء لها شعاع كشعاع الشمس يغشى البصر، فكانت اليد أعظم وأعجب من العصا من غير سوء يعني من غير برص، قال: فكذب وعصى وزعم أنه ليس من الله عز وجل وعصى فقال: إنه سحر، وعصى أيضا يعني استعصى عن الإيمان، قال: ثم أدبر عن الحق يسعى يعني في جمع السحر فهو قوله: فجمع كيده ثم أتى بهم وذلك فحشر فنادى يقول حشر القبط فقال أنا ربكم الأعلى وذلك أن موسى صلى الله عليه وسلم قال لفرعون: لك ملكك فلا يزول، ولك شبابك فلا تهرم، ولك الجنة إذا مت، على أن يقول ربي الله وأنا عبده، فقال فرعون: إنك لعاجز بيننا يكون الرجل ربا يعبد حتى يكون له رب، فقال فرعون: أنا ربكم الأعلى يقول: ليس لي رب فوق، فذلك الأعلى فأخذه الله بعقوبة قوله: نكال الآخرة والأولى وكان بينهما أربعين سنة، الأولى قوله: ما علمت لكم من إله غيري والآخرة قوله: أنا ربكم الأعلى ثم قال: إن في ذلك يقول: إن في هلاك [ ص: 448 ] فرعون وقومه لعبرة لمن يخشى يعني لمن يذكر الله تعالى، يقول: لمن يخشى عقوبة الله تعالى، مثل ما فعل آل فرعون فلا يشرك، يخوف كفار مكة لئلا يكذبوا محمدا صلى الله عليه وسلم فيجازيهم مثل ما حل بقوم فرعون من العذاب.