إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داوود زبورا ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا
إنا أوحينا إليك ، وذلك أن عدي بن زيد وصاحبيه اليهود، قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: والله ما أوحى الله إليك ولا إلى أحد من بعد موسى، فكذبهم الله عز وجل، فقال: إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده ، يعني من بعد نوح: هود وصالح، وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط ، يعني بني يعقوب: يوسف وإخوته، وأوحينا إليهم في صحف إبراهيم، ثم قال: "و" أوحينا إلى وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داوود زبورا ، ليس فيه حد، ولا حكم، ولا فريضة، ولا حلال، ولا حرام، خمسين ومائة سورة، فأخبره الله بهن ليعلموا أنه نبي.
فقالت اليهود: ذكر محمد النبيين ولم يبين لنا أمر موسى أكلمه الله أم لم يكلمه؟ فأنزل الله عز وجل في قول اليهود: ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ، هؤلاء بمكة في الأنعام وفي غيرها ; لأن هذه مدنية، ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما ، يعني مشافهة، وهو ابن أربعين سنة ليلة النار، ومرة أخرى حين أعطي التوراة، رسلا مبشرين بالجنة ومنذرين من النار [ ص: 272 ] لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ، فيقولوا يوم القيامة: لم يأتنا لك رسول، وكان الله عزيزا حكيما ، حكم إرسال الأنبياء إلى الناس.
فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: " إنكم لتعلمون حق ما أقول، وإنه لفي التوراة، فإن تتوبوا وترجعوا يغفر لكم ذنوبكم "، قالوا: لو كان ما تقول في التوراة لاتبعناك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " والله إنكم لتشهدون بما أقول "، قالوا ما عندنا بذلك شهادة، قال الله عز وجل: فإن لم يشهد لك أحد منهم، فإن الله وملائكته يشهدون بذلك، فذلك قوله عز وجل: لكن الله يشهد بما أنزل إليك من القرآن أنزله بعلمه والملائكة يشهدون بذلك، وكفى بالله شهيدا ، يقول: فلا شاهد أفضل من الله بأنه أنزل عليك القرآن.