هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السماوات والأرض لآيات لقوم يتقون إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين
[ ص: 82 ] هو الذي جعل الشمس ضياء بالنهار لأهل الأرض، يستضيئون بها، والقمر نورا بالليل، وقدره منازل ، يزيد وينقص، يعني الشمس سراجا والقمر نورا لتعلموا بالليل والنهار، عدد السنين والحساب ، وقدره منازل لتعلموا بذلك عدد السنين، والحساب، ورمضان، والحج، والطلاق، وما يريدون بين العباد، ما خلق الله ذلك ، يعني الشمس والعمر، إلا بالحق ، لم يخلقهما عبثا، خلقهما لأمر هو كائن، يفصل يبين الآيات ، يعني العلامات، لقوم يعلمون بتوحيد الله عز وجل أن الله لما يرون من صنعه.
ثم قال: إن في اختلاف الليل والنهار عليكم وما خلق الله في السماوات والأرض لآيات لقوم يتقون عقوبة الله عز وجل.
قوله: إن الذين لا يرجون لقاءنا ، يعني لا يخشون لقاءنا، يعني البعث والحساب، ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها ، فعملوا لها، والذين هم عن آياتنا ، يعني ما أخبر في أول هذه السورة، غافلون ، يعني ما ذكر من صنيعه في هؤلاء الآيات لمعرضون، فلا يؤمنون.
ثم أخبر بما أعد لهم في الآخرة، فقال: أولئك مأواهم النار ، يعني مصيرهم النار، بما كانوا يكسبون من الكفر والتكذيب.
ثم أخبر بما أعد للمؤمنين، فقال: إن الذين آمنوا ، يعني صدقوا بالله وعملوا الصالحات ، وأقاموا فرائض الله، يهديهم ربهم بإيمانهم ، يعني بتصديقهم وتوحيدهم كما صدقوا ووحدوا، كذلك يهديهم ربهم إلى الفرائض، ويثيبهم الجنة، تجري من تحتهم الأنهار ، يعني تحت قصورهم نور في نور، قصور الدر والياقوت، وأنها تجري من غرفهم، في جنات النعيم ، لا يكلفون فيها [ ص: 83 ] عملا أبدا، ولا يصيبهم فيها مشقة أبدا.
دعواهم فيها سبحانك اللهم فهذا علم بين أهل الجنة وبين الخدم إذا أرادوا الطعام والشراب دعواهم أن يقولوا في الجنة: سبحانك اللهم ، فإذا الموائد قد جاءت، فوضعت ميلا في ميل، قوائمها اللؤلؤ، ودخل عليهم الخدم من أربعة آلاف باب معهم صحاف الذهب سبعون ألف صحفة، في كل صحفة لون من الطعام ليس في صاحبتها مثله، كلما شبع ألقى الله عليه ألف باب من الشهوة، كلما شبع أتى بشربة تهضم ما قبلها بمقدار أربعين عاما، ويؤتون بألوان الثمار، وتجيء الطير أمثال البخت، مناقيرها لون، وأجنحتها لون، وظهورها لون، وبطونها لون، وقوائمها لون، تتلألأ نورا، حتى تقف بين يديه في بيت طوله فرسخ في فرسخ، في غرفة فيها سرر موضونة، والوضن مشبك وسطه بقضبان الياقوت والزمرد الرطب، ألين من الحرير، قوائمهما اللؤلؤ، حافتاه ذهب وفضة، عليه من الفرش مقدار سبعين غرفة في دار الدنيا، لو أن رجلا وقع من تلك الغرف لم يبلغ قرار الأرض سبعين عاما.
فيأكلون ويشربون، وتقوم الطير وتصطف بين يديه، وتقول: يا ولي الله، رعيت في روضة كذا وكذا، وشربت من عين كذا وكذا، فأيتهن أعجبه وصفها وقعت على مائدته نصفها قديد سبعون ألف لون من الطير الواحد، والنصف شواء فيأكل منها ما أحب، ثم يطير فينطلق إلى الجنة؛ لأنه ليس في الجنة من يموت، وتحيتهم فيها سلام ، وذلك أن يأتيه ملك من عند رب العزة، فلا يصل إليه حتى يستأذن له حاجب فيقوم بين يديه، فيقول: يا ولي الله، ربك يقرأ عليك السلام، وذلك قوله تعالى: وتحيتهم فيها سلام ، من عند الرب تعالى، فإذا فرغوا من الطعام والشراب، قالوا: الحمد لله رب العالمين، وذلك قوله عز وجل: وآخر دعواهم ، يعني قولهم حين فرغوا من الطعام والشراب أن الحمد لله رب العالمين