ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم فنذر الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون
[ ص: 84 ] ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير ، وذلك حين قال النضر بن الحارث: فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم فيصيبنا، فأنزل الله عز وجل: ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير ، إذا أرادوه فأصابوه، يقول الله: ولو استجيب لهم في الشر، كما يحبون أن يستجاب لهم في الخير، لقضي إليهم أجلهم في الدنيا بالهلاك إذا، فنذر الذين لا يرجون لقاءنا ، فنذرهم لا يخرجون أبدا، فذلك قوله: في طغيانهم يعمهون ، يعني في ضلالتهم يترددون لا يخرجون منها إلا أن يخرجهم الله عز وجل.
وأيضا ولو يعجل الله للناس، يقول: ابن آدم يدعو لنفسه بالخير، ويحب أن يعجل الله ذلك، ويدعو على نفسه بالشر، يقول: اللهم إن كنت صادقا فافعل كذا وكذا، فلو يجعل الله ذلك لقضي إليهم أجلهم، يعني العذاب فنذر ، يعني فنترك، الذين لا يرجون لقاءنا ، يعني لا يخشون لقاءنا، في طغيانهم يعمهون ، يعني في ضلالتهم يترددون لا يخرجون منها.
وإذا مس الإنسان الضر ، يعني المرض بلاء أو شدة، نزلت في أبي حذيفة، اسمه هاشم بن المغيرة بن عبد الله المخزومي ، دعانا لجنبه ، يعني لمضجعه في مرضه، أو دعانا قاعدا أو قائما ، كل ذلك لما كان، فلما كشفنا عنه ضره ، وعوفي من مرضه، مر ، يعني: استمر، أي: أعرض عن الدعاء، كأن لم يدعنا إلى ضر مسه ولا يزال يدعونا ما احتاج إلى ربه، فإذا أعطي حاجته أمسك عن الدعاء، قال الله تعالى عند ذلك: استغنى عبدي، كذلك ، يعني هكذا زين للمسرفين ، يعني المشركين، ما كانوا يعملون من أعمالهم السيئة، يعني الدعاء في الشدة.
ولقد أهلكنا القرون بالعذاب في الدنيا، من قبلكم يا أهل مكة، [ ص: 85 ] لما ظلموا ، يعني حين أشركوا، يخوف كفار مكة بمثل عذاب الأمم الخالية لكي لا يكذبوا محمدا صلى الله عليه وسلم، وجاءتهم رسلهم بالبينات ، يقول: أخبرتهم رسلهم بالعذاب أنه نازل بهم في الدنيا، ثم قال: وما كانوا ليؤمنوا ، يقول: ما كان كفار مكة ليصدقوا بنزول العذاب بهم في الدنيا، كذلك ، يعني هكذا تجزي بالعذاب القوم المجرمين ، يعني مشركي الأمم الخالية.
ثم قال لهذه الأمة: ثم جعلناكم يا أمة محمد، خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون .