الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم  قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون  فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح المجرمون  ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون  

وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ، يعني القرآن، قال الذين لا يرجون لقاءنا ، يعني لا يحسبون لقاءنا، يعني البعث، ائت بقرآن غير هذا ليس فيه قتال، أو بدله ، فأنزل الله عز وجل: قل يا محمد: ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم . وذلك أن الوليد بن المغيرة وأصحابه أربعين رجلا أحدقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ليلة حتى أصبح، فقالوا: يا محمد، اعبد اللات والعزى، ولا ترغب عن دين آبائك، فإن كنت فقيرا جمعنا لك من أموالنا، وإن كنت خشيت أن تلومك العرب، فقل: إن الله أمرني بذلك، فأنزل الله عز وجل: قل يا محمد: أفغير الله تأمروني أعبد إلى قوله: بل الله فاعبد ، يعني فوحد، وكن من الشاكرين ، على الرسالة والنبوة.

[ ص: 86 ] وأنزل الله عز وجل: ولو تقول علينا بعض الأقاويل ، يعني محمد، فزعم أني أمرته بعبادة اللات والعزى، لأخذنا منه باليمين ، يعني بالحق، ثم لقطعنا منه الوتين وهو الحبل المعلق به القلب، وأنزل الله تعالى: قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم . ثم قال لكفار مكة: قل لو شاء الله ما تلوته ، يعني ما قرأت هذا القرآن، عليكم ولا أدراكم به ، يقول: ولا أشعركم بهذا القرآن، فقد لبثت فيكم عمرا طويلا أربعين سنة، من قبله ، من قبل هذا القرآن، فهل سمعتموني أقرأ شيئا عليكم؟ أفلا ، يعني فهلا تعقلون أنه ليس متقولا مني، ولكنه وحي من الله إلي.

فمن أظلم ، يعني فمن أشد ظلما لنفسه، ممن افترى على الله كذبا ، فزعم أن مع الله آلهة أخرى، أو كذب بآياته ، يعني بمحمد صلى الله عليه وسلم وبدينه، إنه لا يفلح المجرمون ، يعني أنه لا ينجى الكافرون من عذاب الله عز وجل.

ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم إن تركوا عبادتهم، ولا ينفعهم إن عبدوها، وذلك أن أهل الطائف عبدوا اللات، وعبد أهل مكة العزى، ومناة، وهبل، وإساف، ونائلة، لقبائل قريش، وود لكلب بدومة الجندل، وسواع لهذيل، ويغوث لبني غطيف بن مراد بالجرف من سبأ، ويعوق لهمذان ببلخ، ونسر لذي الكلاع من حمير، قالوا: نعبدها لتشفع لنا يوم القيامة، فذلك قوله: ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون .

التالي السابق


الخدمات العلمية