وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين ولنسكننكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ
[ ص: 186 ] وكان أذاهم للرسل أن قالوا: وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا ، يعني دينهم الكفر، فهذا الأذى الذي صبروا عليه، فأوحى إليهم ربهم ، يعني إلى الرسل، لنهلكن الظالمين ، يعني المشركين في الدنيا ولننصرنكم.
يعني ولنسكننكم الأرض من بعدهم ، يعني هلاكهم، ذلك الإنسان في الدنيا، لمن خاف مقامي ، يعني مقام ربه عز وجل في الآخرة، "و" لمن وخاف وعيد في الآخرة.
واستفتحوا، يعني دعوا ربهم واستنصروا، وذلك أن الرسل أنذروا قومهم العذاب في الدنيا، فردوا عليهم: أنكم كذبة، ثم قالوا: اللهم إن كانت رسلنا صادقين فعذبنا، فذلك قوله تعالى: فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ، فذلك قوله سبحانه: واستفتحوا ، يعني مشركي مكة، وفيهم أبو جهل ، يعني ودعوا ربهم، يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: وخاب كل جبار عنيد ، يعني وخسر عند نزول العذاب كل متكبر عن توحيد الله عز وجل، نزلت في أبي جهل ، عنيد ، يعني معرض عن الإيمان مجانب له.
ثم قال لهذا الجبار وهو في الدنيا: من ورائه جهنم ، من بعدهم، يعني من بعد موته، ويسقى من ماء صديد ، يعني خليطة القيح والدم الذي يخرج من أجداف الكفار يسقى الأشقياء.
يتجرعه تجرعا، ولا يكاد يسيغه البتة، نظيرها: إذا أخرج يده لم يكد يراها ، يقول: لا يراها البتة، ويأتيه الموت في النار من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه هذا، يعني ومن بعد إحدى وعشرين ألف سنة يفتح عليهم باب يقال له: الهيهات، فتأكل ناره نار جهنم وأهلها، كما تأكل [ ص: 187 ] نار الدنيا القطن المندوف، ويأتيه الموت في النار من كل مكان، وما هو بميت، ومن ورائه عذاب غليظ ، يعني شديد لا يفتر عنهم.