الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين  فانتقمنا منهم وإنهما لبإمام مبين  ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين  وآتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين  وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين  فأخذتهم الصيحة مصبحين  فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون

وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين ، يعني لمشركين، فهم قوم شعيب، عليه السلام، والأيكة الغيضة من الشجر، وكان أكثر الشجر الدوم، وهو المقل فانتقمنا منهم بالعذاب، وإنهما ، يعني قوم لوط، وقوم شعيب، لبإمام يعني طريق، مبين ، يعني مستقيم، وكان عذاب قوم شعيب، عليه السلام، أن الله عز وجل حبس عنهم الرياح، فأصابهم حر شديد لم ينفعهم من الحر شيء وهم في منازلهم، فلما أصابهم ذلك الحر، خرجوا من منازلهم إلى الغيضة ليستظلوا بها من الحر، فأصابهم من الحر أشد مما أصابهم في منازلهم، ثم بعث الله عز وجل لهم [ ص: 209 ] سحابة فيها عذاب، فنادى بعضهم بعضا ليخرجوا من الغيضة، فيستظلون تحت السحابة لشدة حر الشمس يلتمسون بها الروح، فلما لجؤوا إليها أهلكهم الله عز وجل فيها حرا وغما تحت السحابة.

قال: حدثنا عبيد الله ، سمعت أبي، قال: سمعت أبا صالح يقول: غلت أدمغتهم في رءوسهم، كما يغلي الماء في المرجل على النار، من شدة الحر تحت السحابة، فذلك قوله سبحانه: فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم . ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين ، يعني قوم صالح، واسم القرية الحجر، وهو بوادي القرى، يعني بالمرسلين صالحا وحده، عليه السلام، يقول: كذبوا صالحا.

وآتيناهم آياتنا ، يعني الناقة آية لهم، فكانت ترويهم من اللبن في يوم شربها من غير أن يكلفوا مؤنة، فكانوا عنها معرضين ، حين لم يتفكروا في أمر الناقة وابنها فيعتبروا.

فأخبر عنهم، فقال سبحانه: وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين ، من أن تقع عليهم الجبال إذا نحتوها وجوفوها.

فأخذتهم الصيحة ، يعني صيحة جبريل، عليه السلام، مصبحين يوم السبت، فخمدوا أجمعون.

يقول الله عز وجل: فما أغنى عنهم من العذاب الذي نزل بهم، ما كانوا يكسبون ، من الكفر والتكذيب، فعقروا الناقة يوم الأربعاء، فأهلكهم الله يوم السبت.

التالي السابق


الخدمات العلمية