الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون  ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون  ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون  ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم تالله لتسألن عما كنتم تفترون  ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون  وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم  يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون

ثم ذكرهم النعم، فقال سبحانه: وما بكم من نعمة فمن الله ، ليوحدوا رب هذه النعم، يعني بالنعم الخير والعافية، ثم إذا مسكم الضر ، يعني الشدة، وهو الجوع، [ ص: 226 ] والبلاء، وهو قحط المطر بمكة سبع سنين، فإليه تجأرون ، يعني تضرعون بالدعاء، لا تدعون غيره أن يكشف عنكم ما نزل بكم من البلاء والدعاء حين قالوا في حم الدخان: ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون ، يعني مصدقين بالتوحيد.

ثم إذا كشف الضر عنكم ، يعني الشدة، وهو الجوع، وأرسل السماء بالمطر مدرارا، إذا فريق منكم بربهم يشركون ، يعني يتركون التوحيد لله تعالى في الرخاء، فيعبدون غيره، وقد وحدوه في الضر.

ليكفروا بما آتيناهم ، يعني لئلا يكفروا بالذي أعطيناهم من الخير والخصب في كشف الضر عنهم، وهو الجوع، فتمتعوا إلى آجالكم قليلا، فسوف تعلمون ، هذا وعيد، نظيرها في الروم، وإبراهيم، والعنكبوت.

ويجعلون ، يعني ويصفون لما لا يعلمون من الآلهة أنها آلهة، نصيبا مما رزقناهم ، من الحرث والأنعام، تالله ، قل لهم يا محمد: والله لتسألن في الآخرة، عما كنتم تفترون حين زعمتم أن الله أمركم بتحريم الحرث والأنعام.

ثم قال يعنيهم: ويجعلون ، يعني ويصفون لله البنات ، حين زعموا أن الملائكة بنات الله تعالى، سبحانه ، نزه نفسه عن قولهم، ثم قال عز وجل: ولهم ما يشتهون من البنين.

ثم أخبر عنهم، فقال سبحانه: وإذا بشر أحدهم بالأنثى ، فقيل له: ولدت لك ابنة، ظل وجهه مسودا ، يعني متغيرا، وهو كظيم ، يعني مكروبا.

يتوارى من القوم من سوء ما بشر به ، يعني لا يريد أن يسمع تلك البشرى أحد، ثم أخبر عن صنيعه بولده، فقال سبحانه: أيمسكه على هون ، فأما الله فقد علم أنه صانع أحدهما لا محالة، أم يدسه ، وهي حية، في التراب ألا ساء ما يحكمون [ ص: 227 ] ، يعني ألا بئس ما يقضون، حين زعموا أن لي البنات وهو يكرهونها لأنفسهم.

التالي السابق


الخدمات العلمية