وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون والله أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآية لقوم يسمعون وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا إن في ذلك لآية لقوم يعقلون
وما أنزلنا عليك يا محمد صلى الله عليه وسلم، الكتاب ، يعني القرآن، إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه ، وذلك أن أهل مكة اختلفوا في القرآن، فآمن به بعضهم، وكفر بعضهم، وهدى من الضلالة، ورحمة من العذاب لمن آمن بالقرآن، فذلك قوله: لقوم يؤمنون ، يعني يصدقون بالقرآن أنه جاء من الله عز وجل.
ثم ذكر صنعه ليعرف توحيده، فقال تعالى: والله أنزل من السماء ماء ، يعني المطر، فأحيا به الأرض بعد موتها بالنبات، إن في ذلك لآية ، يقول: إن في المطر والنبات لعبرة وآية، لقوم يسمعون المواعظ.
وإن لكم في الأنعام لعبرة ، يعني التفكر، نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا من القذر، سائغا للشاربين ، يسيغ من يشربه، وهو لا يسيغ الفرث والدم.
ثم قال سبحانه: ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ، يعني بالثمرات؛ لأنها جماعة ثمر، يعني بالسكر ما حرم من الشراب مما يسكرون من ثمره، يعني النخيل والأعناب، ورزقا حسنا ، يعني طيبا، نسختها الآية التي في المائدة، كقوله عز وجل: قرضا حسنا ، يعني طيبة بها أنفسهم، بما لا يسكر منها من الشراب وثمرتها، فهذا الرزق الحسن، ثم قال سبحانه: إن في ذلك لآية لقوم يعقلون ، يعني فيما ذكر من اللبن والثمار لعبرة لقوم يعقلون بتوحيد الله عز وجل.