إن الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله ولهم عذاب أليم إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم
[ ص: 239 ] ثم قال: إن الذين لا يؤمنون بآيات الله ، يعني لا يصدقون بالقرآن أنه جاء من الله عز وجل، ويزعمون أن محمدا صلى الله عليه وسلم يتعلم من أبي فكيهة ، لا يهديهم الله لدينه، ولهم في الآخرة، عذاب أليم ، يعني وجيع.
ثم رجع إلى قول المشركين حين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إنما أنت مفتر تقول هذا القرآن من تلقاء نفسك، فأنزل الله تعالى: إنما يفتري ، يعني يتقول الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله ، يعني لا يصدقون بالقرآن أنه جاء من الله عز وجل، وأولئك هم الكاذبون في قولهم للنبي صلى الله عليه وسلم إنه مفتر.
من كفر بالله من بعد إيمانه ، نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح القرشي ، ومقيس بن ضبابة الليثي ، وعبد الله بن أنس بن حنظل ، من بني تميم بن مرة، وطعمة بن أبيرق الأنصاري ، من بني ظفر بن الحارث، وقيس بن الوليد بن المغيرة المخزومي ، وقيس بن الفاكه بن المغيرة المخزومي ، قتلا ببدر، ثم استثنى، فقال: إلا من أكره على الكفر، وقلبه مطمئن ، يعني راض، بالإيمان كقوله عز وجل: فإن أصابه خير اطمأن به ، نزلت في جبر غلام عامر بن الحضرمي ، كان يهوديا فأسلم حين سمع أمر يوسف وإخوته، فضربه سيده حتى يرجع إلى اليهودية، ثم قال عز وجل: ولكن من شرح من وسع، بالكفر صدرا إلى أربع آيات، يعني ، وهؤلاء المسلمين، عبد الله بن سعد بن أبي سرح فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم في الآخرة.
ذلك الغضب والعذاب، بأنهم استحبوا ، يعني اختاروا، الحياة الدنيا الفانية على الآخرة الباقية، وأن الله لا يهدي إلى دينه، القوم الكافرين . ثم أخبر عنهم، فقال سبحانه: أولئك الذين طبع الله ، يعني ختم الله، [ ص: 240 ] على قلوبهم بالكفر "و" على وسمعهم "و" على وأبصارهم ، فهم لا يسمعون الهدى ولا يبصرونه، وأولئك هم الغافلون عن الآخرة.
لا جرم ، قسما حقا، أنهم في الآخرة هم الخاسرون . ثم إن ربك للذين هاجروا من مكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، من بعد ما فتنوا ، يعني من بعد ما عذبوا على الإيمان بــ مكة، ثم جاهدوا مع النبي صلى الله عليه وسلم، وصبروا إن ربك من بعدها ، يعني من بعد الفتنة، لغفور لما سلف من ذنوبهم، رحيم بهم فيها، نزلت في عياش بن أبي ربيعة المخزومي ، وأبي جندل بن سهيل بن عمرو القرشي ، من بني عامر بن لؤي، وسلمة بن هشام بن المغيرة ، والوليد بن المغيرة المخزومي ، وعبد الله بن أسيد الثقفي.