الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا  ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا  وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا  وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا  وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا  

[ ص: 269 ] أقم الصلاة لدلوك الشمس ، يعني إذا زالت الشمس عن بطن السماء، يعني عند صلاة الأولى والعصر، إلى غسق الليل ، يعني ظلمة الليل إذا ذهب الشفق، يعني صلاة المغرب والعشاء، وقرآن الفجر ، يعني قرآن صلاة الغداة، إن قرآن الفجر كان مشهودا ، تشهده ملائكة الليل وملائكة النهار، جمع صلاة الخمس في هذه الآية كلها.

ثم قال عز وجل: ومن الليل فتهجد به نافلة لك ، بعد المغفرة؛ لأنه الله عز وجل قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فما كان من عمل فهو نافلة، مثل قوله سبحانه: ووهبنا له إسحاق ، حين سأل الولد، ويعقوب نافلة ، يعني فضلا على مسألته، عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ، يعني مقام الشفاعة في أصحاب الأعراف يحمده الخلق كلهم، والعسى من الله عز وجل واجب.  

فرجع النبي صلى الله عليه وسلم، وقال له جبريل، عليه السلام: وقل رب أدخلني المدينة ، مدخل صدق ، يعني آمنا على رغم أنف اليهود، وأخرجني من المدينة إلى مكة ، مخرج صدق ، يعني آمنا على رغم أنف كفار مكة ظاهرا عليهم، واجعل لي من لدنك ، يعني من عندك، سلطانا نصيرا ، يعني النصر على أهل مكة ، ففعل الله تعالى ذلك به، فافتتحها.

فلما افتتحها رأى ثلاثمائة وستين صنما حول الكعبة،  وإساف ونائلة أحدهما عند الركن، والآخر عند الحجر الأسود، وفي يدي النبي صلى الله عليه وسلم قضيب، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يضرب رءوسهم ويقول: وقل جاء الحق ، يعني الإسلام، وزهق الباطل ، يعني وذهب عبادة الشيطان، يعني الأوثان، إن الباطل ، يعني إن عبادة الشيطان، يعني عبادة الأصنام، كان زهوقا ، يعني ذاهبا، مثل قوله سبحانه: فإذا هو زاهق ، يعني ذاهب.

وننزل من القرآن ما هو شفاء للقلوب، يعني بيانا للحلال والحرام، ورحمة من العذاب لمن آمن بالقرآن، قوله سبحانه: ورحمة للمؤمنين ولا يزيد القرآن [ ص: 270 ] الظالمين إلا خسارا ، يعني خسرانا.

التالي السابق


الخدمات العلمية